خذلناك يا خالد الناطور !!
تسعون يوما مضت على احتجاز الشاب خالد الناطور دون ان يصدر عن السلطات السعودية اي تفسير للاسباب التي دفعتها لحجز حرية مواطن اردني وصل الاراضي السعودية حاملا تأشيرة اصولية احتصل عليها دون اشكالات او تحفظات امنية او غير امنية !
تسعون يوما لم تنجح فيها اية مؤسسة دولية تعنى بحقوق الانسان بالوصول للمعتقل خالد الناطور او معرفة اية معلومه عنه او عن سبب ومكان اعتقاله في المملكة العربية السعودية -الدولة الشقيقة التي تربطنا بها رسميا وشعبيا اوثق العلاقات واكثرها حميمية- ، حتى ان هذه المؤسسات لم تتمكن من ايصال رسالة خطية الى المحتجز !
تسعون يوما مضت دون ان تحرز فيها حكومتنا العتيدة الفريدة في نوعها (..)اي تقدم في موضوع الناطور وذلك رغم وعود رئيس الوزراء عبدالله النسور بمتابعة الموضوع شخصيا وكذلك التزامه للنواب بحل هذه العقدة المستعصية ولكن دون جدوى . الى جانب التعهدات المتكررة التي اطلقها وزير خارجيتنا القوي جدا (..) ناصر جودة للتواصل مع الجانب السعودي وحل القضية بعد معرفة حيثياتها ، او على الاقل تمكين والدة الناطور من سماع صوته والاطمئنان على صحته.ولكن هذا لم يحدث للاسف !
ترى ما فائدة البعثات الدبلوماسية التي نرسلها إلى الدول الشقيقة والصديقة وتكلف الدولة اموالا طائلة، وعندما يتعرض أحد المواطنين للاعتقال او لاي اشكال نجدها عاجزة عن متابعة قضيته.. فخالد ليس أول مواطن يتم التخلي عنه، فقبله كان حازم الحراسيس، وعبدالله البزايعة، المعتقلين في اليمن، وغيرهما من الأردنيين الذين مازالوا معتقلين في العراق وسورية والأراضي المحتلة، دون أن تحقق هذه البعثات الدبلوماسية أي تقدّم حيال قضاياهم !!
لماذا نحن رسميا بهذا الضعف والاستكانة ؟ كيف تصمت حكومتنا طوال هذه المدة على احتجاز احد مواطنيها في دولة اخرى وهو لم يرتكب اي جرم ؟ واي جرم ارتكبه الناطور وهو لم يكد يخرج من باب الطائرة التي اقلته من عمان الى الرياض ليدخل في عهدة السلطات السعودية التي اقتادته من المطار الى مكان غير معروف ؟!
ثم ما سبب تجاهل السعودية لجميع الواسطات والاتصالات في هذه المسألة على وجه التحديد ؟ ماذا فعل الناطور ليلقى هذه المعاملة غير الانسانية ؟!
السؤال المحير بعد مضي شهور على احتجازه ،لمن تلجأ اسرة الناطور اليوم ؟ للملك ، لخادم الحرمين الشريفين ؟ ثم ما سر هذا التطنيش الحكومي والتعامل الرخو مع الموضوع ؟ ماذا عنا نحن - ما رأيكم- هل نتجاوز القصة ونتجاهل موضوع الناطور معتبرين انها "عرض جانبي" غير مهم لعلاقة استراتيجية بين البلدين الشقيقين، وذلك حرصا على المصلحة الوطنية العليا التي تقتضي ان لا نزعج الاشقاء فتنقطع المساعدات (..) ويقع المحذور؟ وماذا عن وسائل الاعلام الوطنية ،الا يعنيها الامر ، وهل بات اعتقال احد ابنائنا في الخارج امر هامشي لا يستدعي المتابعة والاهتمام ؟
طبعا ، ينام رئيس الوزراء قرير العين ،كما يفعل جودة وغيره من اصحاب القرار والمسؤولين في بلادنا ، واظن ان هذه الطمأنينة والراحة - وهي ليست راحة ضمير ابدا - لا تهنأ بها عائلة الناطور منذ تسعين يوما .
في الحقيقة جميعنا متواطئون ، حكومة وشعبا ومجلس نواب ومؤسسات مجتمع مدني ومنظمات حقوق انسان وقادة رأي . جميعنا مقصرون وعلينا ان نتنبه لخطورة الامر ودلالاته وابعاده الكثيره..
لك الله يا خالد ، فلقد خذلناك ، خذلتك حكومتك ودولتك وشعبك ، وها انت تناضل وحدك ظلمة سجونهم ، خنّاك جميعا ، وفي الحقيقة خنّا انفسنا وتناسينا اننا بصمتنا نقيدك بضعفنا نكبلك ، ولكن ما باليد حيلة فلقد خسرنا قبلك كل شئ ،وها نحن اليوم نخسر انفسنا ايضا .
