الوزير الخوالدة.. لماذا بقي..؟!
عجبي لهذه الحكومة الأردنية الجديدة القديمة والرشيقة مؤقتاً..!! هل كان لا بد من الإبقاء على الوزير خليف الخوالدة وزيراً لتطوير القطاع العام، وماذا سيكون موقفه أمام مجلس النواب إزاء ما فعلته هيكلة القطاع العام، التي هو عرّابها الأول والأخير، بدوائر الدولة ومؤسساتها وموازنتها، وبماذا سيدافع الرئيس عن المشروع وصاحب المشروع الذي بدأ يُعيد القطاع العام عقوداً إلى الوراء..!؟
أعتقد أن أي مجلس نواب حتى لو كان ضعيفاً، فما بالك بمجلس مشاكس، لن يقبل إلاّ بمساءلة الوزير الخوالدة ومحاسبته على نتائج الهيكلة التي بدأنا نجني ثمارها الخرِبة في مؤسسات الدولة المختلفة، فليس من المعقول أن يقف مجلس النواب أمام مشروع هزّ موازنة الدولة واستنزفها بأكثر من "460" مليون دينار خلال عام 2012 دون أن يسأل لماذا، وكيف، ومنْ المسؤول عن هذا الاستنزاف غير المحسوب للخزينة في وقت تعاني فيه الدولة من حالة خواء غير مسبوقة في مواردها المالية، ما دفع الحكومات إلى اللجوء لجيب المواطن لتخفيف حالة الجفاف في موازنتها المنهكة وترطيب خزينتها الخاوية..!!؟
عجيب أمر رئيس الحكومة وهو الذي لا تنقصه الحكمة ولا الحنكة، كيف يُبقي على الوزير الخوالدة في حكومته وهو يعلم ما فعله الوزير وما ارتكبه من أخطاء كبيرة بمشروع هيكلته العتيدة، ولنا أن ننظر إلى مئات الاعتصامات والاحتجاجات التي رافقت عملية الهيكلة، ومدى التعطّل الذي نجم عن المشروع في دوائر الدولة ومؤسساتها المختلفة، ألم يكن حرياً أن يُسأل هذا الوزير عن نتائج الهيكلة وقبل ذلك عن معطياتها وتوفيقاتها وأعطياتها ومفاوضاتها وإرضاءاتها وتنازلاتها التي لم تتوقف حتى اللحظة..؟!!
عجيب أمر الحكومة والدولة والسلطات الرئيسة فيها كيف تعاني من موازنة باتت أبوابها مفتوحة للهواء، في الوقت الذي يُقْدِم فيه الوزير الخوالدة على تنفيذ مشروع بطريقة متسرّعة وغير عادلة، ألحقت بالدولة خراباً كبيراً بعضه تبيّنت ملامحه وبتنا نلمس آثاره الضارّة، وبعضه سيظهر في قادم الأيام صادماً قاتماً ظالماً، وسوف تدفع الدولة ثمناً باهظاً له، وسوف يتحمّل كل مواطن جزءاً من الثمن رضي أم سخِط، وربما يصل الثمن إلى الأولاد والأحفاد..!!
على مجلس النواب الكريم أن يسأل الحكومة والوزير الخوالدة تحديداً، الذي أصبح عابراً للحكومات، عن حصيلة مشروع الهيكلة وهل حقّق هذا المشروع أهدافه وكيف، وهل تم تنفيذه بعدالة ودون اعتداء على الحقوق المكتسبة لموظفي الدولة، وهل استطاع المشروع أن يلغي المؤسسات التي تم تفريخها على مدار العقد ونصف العقد الماضيين وهو جوهر عملية الهيكلة، لإرضاء شخصيات ومتنفذين تم تفصيل مؤسسات وهيئات لهم ولأولادهم لكي ينعموا بها ويسرحوا ويمرحوا على حساب أموال دافعي الضرائب، فيما هم يمارسون كل ألوان السلطة والسطوة والنفوذ وكأنها مزارع وضِياع لهم ولمن "خلّفوهم"، في غفلة عن شعب كان ولا يزال مسكيناً طيباً كريماً جائداً بماله من أجل الوطن وعيون الوطن ونماء الوطن، فيما كانت أمواله تُنهب وتُستلب وتُوجّه لإرضاء فلان وابن فلان وحفيد فلان ابن فلان ابن فلانة....!!!!!
أيتها الحكومات كفى.. لم نعد قادرين على الصبر فقد ملّ الصبر منّا، ولم تعد لدينا قدرة على مزيد من التحمّل، ويكفي استغفالاً لنا واستخفافاً بعقولنا، وركوناً لصبرنا وطيبتنا وسذاجتنا..!!
أيتها الحكومات يكفي قهراً.. ولقد قلت مرة وأقول وسأظل أقول وأؤكّد: إن ما يمسَسْ الشعب من قرح سيمسسْ الحكومات قرحٌ مثله، وربما أشدّ، وإن ما تفعلونه سواء بقصد أو دون قصد لإيلام شعب طيب سيُلحِق الألم بكم، وسيكون ألماً مُمِضّاً شديداً لا يُحتمل.. وما من عالقة إلاّ ولها ذائقة.. شائقة أم فالقة..!!
أما الحكومة بطاقمها الجديد ففيها أشخاص نحترمهم ونقدّر مكانتهم وكفاءتهم ونزاهتهم، ولكن عتبنا عليهم كبير كبير كبير..!!!