فلا بد من حوارية وطنية
في السياسة الأردنية تقفز أسئلة متوترة عن الحوار الوطني. وثمة أجنحة ناعمة للدولة تتحدث عن حوارية وطنية، وفتح باب للنقاش الوطني، وهنالك أفكار وقضايا ومقاربات في الحالة الأردنية بحاجة للحوار. بدءا من السؤال عن التنمية والعدالة الوظيفية وأزمة المتعلطين عن العمل من أبناء المحافظات، والى القضية الأردنية الكبرى بأسئلتها الكبيرة والعالقة عن التحدي الوطني في مواجهات تحولات اقليمية ودولية كبرى ، صفقة القرن ولواحقها.
الحالة الأردنية على شدة ضجيجها وغضب الناس ونقمتهم من الحكومة بحاجة الى مكاشفة ومصارحة، وحوار وطني. ولكن أن يترك المجال العام العامر بالفوضى،وأن ترحل الازمات الاجتماعية والمعيشية والمطلبية دون حلول، وأن يتم التعامل معها بالقطعة والترقيع، والشيطنة، فهذا يعني تكريسا وزيادة لمنسوب العبثية والعدمية واللاجدوى واللامعنى واللاقيمة في السياسة الأردنية.
بلا شك أن ثمة تحولات صعبة وقاسية تواجه الأردن. وأن القوى السياسية التقليدية من احزاب ونقابات وسياسيي المناسبات عاجزون بحسب مواصفات الازمات المتفاعلة والطارئة على المجتمع الأردني بان يعالجوا ويقدموا حلولا، أو أن يلعبوا دور الوسيط السياسي بين الدولة والمجتمع. فالأمور العامة تزداد تعقيدا، والمطلب يتحول الى أزمة متدحرجة من الف الى الياء، ولربما أن قضية المتعطلين عن العمل واحدة من عناونيها العريضة.
اللعب تحت عامل الوقت، من دون حزم أفكار وخطط وسياسيات وقائية بديلة لما يولد من أزمات اجتماعية ومعيشية، هو رهان مفلس، ولا يمكن إنكار ذلك، وحتى البحث عن توصيف لطيف وأنعم وأخف حدة في التعبير عن حقيقة الازمات ومدى مفاعليها. فالخروج الى مربع الحوار في ظل ما يتلاطم في المجال العام من أزمات لربما هي الخطوة السياسية الأنسب والأعقل.
الديمقراطية في الأردن ليست لاعبا متمكنا بكل ادواتها ووسائطها من البرلمان الى المجالس المنتخبة لتضميد جراح المجتمع. فيبدو انها عاجزة، وغير قادرة على حمل دور الوسيط في العلاقة بين الدولة والمجتمع والناس. وهذا يبث على الفزع، ولا تتصور كم أن خروج مظاهرات واعتصامات واحتجاجات يعني سياسيا ضربا في مشروعية العملية الديمقراطية في البلاد.
المجال العام الأردني يولد قوة سياسية ومجتمعية جديدة، والاطر التقليدية يبدو أن الهرم قد أصابها. ولابد من مواجهة ما هو جديد بالحوار، وهو ضرورة لاعادة تشبيك علاقات الدولة مع المجتمع بالفكرة والمشروع والوسائل الأكثر ضمانة لاحتواء وتدجين افرازات التحولات الاردنية السياسية والمجتمعية، وذلك تجنبا لتداعيات ومخاطر أكبر قد تصيب البلاد.