اسرار واسباب الهجوم على طاهر المصري ومذكراته
فارس الحباشنة
جو 24 :
من حقّ طاهر المصري أن يسأل جدلا؛ ما هو سرّ وسبب هذا الهجوم الذي استبق اشهار مذكراته وسيرته الذاتية؟ وما هي الجريمة والذنب أو الذنوب التي ارتكبها ليستحق هذا البلاء؟!
طاهر المصري لم يسرق، و ليس مدرجا على قوائم الحرامية والفاسدين، وليس شريكا بأي جريمة بحق المال العام، ولا جرائم سياسية أشنع ارتكبت بحق الدولة ومشروعها الديمقراطي الوطني.
أعرف أن السياسة تولد خصوما، وهذا منطقي وعادي، ولكن الانتقام والحقد والنهش في السير الذاتية عوضا عن قراءتها، هذا كفر ومرض نفسي.
أعرف أن خصوم المصري كثيرون، وأعرف أن نموذجه مزعج، وأن ثمة طبقة لا ترتاح للمصري عندما يتكلم عن المال العام ودولة العدل والحقّ، وعندما يتكلم عن الاصلاح والشفافية والكفاءة والحكم الرشيد.
هذا الكلام ليس تعبيرا عن عاطفة شخصية، وتقدير لرجل دولة بحجم طاهر المصري، نظراؤه قليلون بين من عرفنا في السلطة والعمل السياسي عموما.
المصري سياسي محترف، و قارئ ذكي، ومحلل استباقي ومستشرف للمستقبل، ويمسك بأدوات السياسة حرفة وصنعة، وخبرة.
واريد هنا ان اتكلم عن جانب و جوانب اخرى من شخصية المصري ، فهو لا يعرف الحقد و النميمة ، يتعامل بكبرياء و اخلاق نبيلة مع من لا يستحقوا الاحترام .
والمصري، اعترف انه من السياسيين الاردنيين المخضرمين، وجلست مع دولته اكثر من مرة. وعندما تجلس مع طاهر المصري يجب أن تكون "محضر درسك كويس"، ولأن الرجل قارئ وملمّ ومتابع، و شغوف في الابتكار في التفكير السياسي، ومثقف وناقد، و قارئ للراهن سياسيا من كل الزوايا والنوايا وعوارضها الطيبة والسئية.
مذكرات طاهر المصري ظلمت قبل ان تولد. وسوف أقرؤها وإن كنت حتى الان لم اعثر على نسخة منها. و انا واثق من ادوات المصري المعرفية والسياسية، وامانته وموضوعيته، و نزاهة موقفه في الواقع السياسي فما بالكم في الكتابة وتدوين مذكرات.
للعلم ، فان كتابة المذكرات دائما محفوفة في المخاطر والجدل ، و كحقل الألغام هذا الصنف من الكتابة السردية .
و من الطبيعي والعادي ان يقفز الكاتب و صاحب المذكرات عن وقائع ، ويتركها لخيال القارئ، و ان ثمة موانع سياسية تحذر نشرها الان .
والمذكرات ليست كتاب تاريخ ، بل هي رواية للتاريخ ، وثمة فارق كبير و شاسع بينهما .
طاهر المصري سياسي اغنى العمل السياسي الاردني. واعطى الكثير، ورسم خطا ونهجا سياسيا مؤمن بأطروحات و قيم ومبادئ الاصلاح و الحكم الرشيد و الديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
اعرف ان قلبك كبير، وصدرك اوسع وتتحمل الصغير قبل الكبير.. وانكم شخصية جامعة لا مفرقة ومنفرة. اكتب هذه السطور، وصراحة انا في غاية الخجل، لان طاهر المصري لا يستحق ان يقابل في تاريخه السياسي بالانكار وعدم الاعتراف، وتشويه مبكر لمحاولة في كتابة لافصاح سياسي عن حقب هامة وفاصلة من تاريخ الاردن المعاصر .
والله هذا من بؤس الحال. الخوف من قراءة سردية تاريخية ، واي عزلة وقوقعة تصيب العقل الاردني .. الخوف من كل شيء ، خوف من الكلمة ان كتبت او نطقت او ضمرتها الصدور .