رسالة لأبي.. شهيد معركة الكرامة الخالدة
أ.د. أحمد أحمد العمري
جو 24 :
رسالة لأبي شهيد معركة الكرامة الخالدة
أحمد شحاده العمري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
في البداية أود أن أعبر لكم يا أبي يا أعظم البشر عن فخري واعتزازي بكم وبرفاقكم من شهداء معركة الكرامة الخالدة، وعن الامتنان والعرفان من أبناء الوطن الشرفاء على ما بذلتموه من تضحيات وفداء وإقدام بتقديم أرواحكم الطاهرة ودمائكم الزكية رخيصة دفاعًا عن ارض الوطن وكرامة الأمة، ولازلنا نتفيىء بظلال التضحيات التي قدمتموها، فأصبحنا ننعم بالأمن والأمان في ربوع هذا الوطن العزيز الذي دافعتم عن ترابه الطهور بكل جدارة وإقدام، فاكتسبتم احترام الأمة والعالم، وأطمئنكم بأن رفاقكم في الجيش العربي بجميع مؤسساته ما زالوا على العهد القويم في الحافظ والدفاع عن حياض الوطن ومكتسباته، يحمونه بالمهج والأرواح، ولم تتوقف قوافل الشهداء يا أبي من أبناء هذا الشعب الوفي دفاعا عن الوطن وأمنه واستقراره منذ معركة الكرامة وحتى يومنا هذا.
والدي يا من اعزه الله بالشهادة، ونحن نستذكر معركة الكرامة الخالدة وحلاوة النصر الذي حققتموه وعاشته الأمة العربية حينها، لنشعر باليأس والإحباط لما تمر به أمتنا العربية في وقتنا الحاضر التي تعيش أسوأ أحوالها في كافة المجالات، إذ يتكالب علينا الأعداء، ويتآمر بعضنا على بعض، ونعيش حالة من التشرذمٌ والانقسام، والتخلف الفكري، والفشلٌ الماحق في إحداث إي نهضة علمية قائمة على الإبداع والابتكار، نساير فيها الحضارة العالمية، للاسف نعمل فقط في تحطيم منجزات الأمة وتاريخها العريق نتآمر على أنفسنا في خلق الصراعات الطائفية والقطرية ،وأعداء الأمة يتربصون بنا، (فلم تعد بلاد العرب أوطاني) وقُزّمت يا أبي قضية العرب الأولى وأصبحنا نسميها القضية الفلسطينية بدلًا من قضية الأمة، وما زال يحدونا الأمل من شرفاء أمتنا العربية في التصدي لكل محاولات تصفية القضية العربية الأولى وفي مقدمتهم الشعبين الفلسطيني والأردني والقيادة الهاشمية ومعهم كل الشرفاء من أحرار العالم.
إن حماية الوطن والحفاظ على مكتسباته ليست مهمة الجيش العربي والمؤسسات الأمنية فحسب يا والدي العظيم، بل هي بتكاتف كافة الجهود من جميع أبناء الوطن الواحد، ولكن للأسف تسلل بعض الانتهازيين والطامعين إلى بعض مؤسسات الوطن وأساءوا استخدام مراكزهم فنهبوا خيرات الوطن، مما أسهم في خلق جو من إلاحباط لدى المخلصين المنتمين لتراب الوطن، ولكن لن نفقد الأمل بأن الوطن سيتعافى ويعود كما كان وأقوى بهمة أبنائه، فأملنا بالله أولًا وبقيادتنا الهاشمية ثانيًا وبرفاقكم من أبناء الجيش العربي وبجميع الخيريين في هذا الوطن، بأن الأردن سيبقى سدا منيعًا في مواجهة كل المؤامرات والتحديات سواءً كانت خارجية أم داخلية.
نحرص كل الحرص يا شهيد الأمة أن نعمق الوعي تاريخيا وسياسيا عند أبناءنا بما جرى يوم معركة الكرامة الخالدة، لنشحذ الهمم ونعمق الوعي لديهم لتراب الوطن، ونقول لهم ان الجيش العربي سطر في يوم الكرامة ملحمة العز والفخار، اذ انتفض بعزيمة الرجال على هزيمة حزيران واستطاع أن يرسم أول انتصار للعرب على الكيان الصهيوني بعد حرب عام 1967 فقد حاول الكيان الصهيوني بكل صلف وعنجهية في الحادي والعشرين من آذار عام 1968 احتلال نهر الأردن ومرتفعات السلط الأبية، وعلى الرغم من أعدادهم وعتادهم النوعي إلا أن الجيش العربي حقق النصر عليهم بشجاعة جنودنا البواسل وتضحياتهم وإيمانهم الكبير بنصر الله، مما اضطر جيش الكيان الصهيوني للانسحاب تاركًا وراءه الخسائر الكبيرة في آلياته العسكرية وجثث قتلاه، وتحطمت بنتائج تلك المعركة مقولته المزعومة بأنه الجيش الذي لا يقهر، واعترف العدو بهزيمته أمام الجيش العربي الأردني، حيث قال حاييم بارليف (رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك): أن إسرائيل فقدت في هجومها على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته إسرائيل في حرب حزيران.هذا وقد عُرضت آليات العدو أمام الملأ في الساحة الهاشمية.
وأخيرًا يا أعظم بني البشر أقول لكم ولرفاقكم ممن استشهدوا ناموا قريري العين وسيبقى بلدنا الأردن حصنًا منيعًا على كل المؤامرات في ظل عميد آل البيت جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسيــن .
أ.د. أحمد أحمد العمــــري
ابن الشهيد الرقيب أحمد شحاده العمري
عميد كلية العلوم في جامعة اليرموك (سابقًا)