2024-05-08 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ملحمة الكرامة نستحضرها باعتزاز لمواجهة الكورونا والتحديات الوطنية

أ.د. أحمد أحمد العمري
جو 24 :

 تطل علينا ذكرى معركة الكرامة الخالدة والعالم منشغل بفايروس الكورونا لتأثيره الكبير على صحة الإنسان أولا، وعلى الإقتصاد العالمي ثانيا, والعالم لا يعلم حقيقة ما يجري, فمنهم من ينظر إليه كغيره من الفايروسات التي اصابت البشرية بشكل طبيعي ومنهم من يرى أنها حرب عالمية بين أقطاب الاقتصاد العالمي لها أهدافها الإقتصادية, ونحن جزء من هذا العالم المجنون قد نتأثر صحيًا بشكل كبير في حال انتشر هذا الفيروس في بلادنا (لا قدرالله) لطبيعة علاقاتنا الإجتماعية وعدم التزامنا بأسباب الوقاية بشكل جيد وحتمًا سيكون لهذا الوباء أثرًا على إقتصادنا كغيرنا من دول العالم.
وقبل موضوع الكورونا كنّا منشغلين بقضية سياسية هامة تخص المنطقة إلا وهي صفقة القرن وأثرها على مصير قضية الأمة "فلسطين" وعلى وطننا سياسيًا وإقتصاديًا إلا أن انشغال العالم بالكورونا أشغلنا عمّا يحيك الأعداء لهذه المنطقة والأردن يمثل عنصرا هاما فيها.
وفي ظل الظروف السائدة نستحضر بكل فخر واعتزاز ذكرى عزيزة على قلب كل أردني, ذكرى معركة الكرامة الخالدة, حيث نستلهم منها المعاني السامية لمواجهة الأعداء والظروف التي تحيط بالوطن.
وارى من واجبي الوطني كأحد أبناء شهداء معركة الكرامة ان استذكر هذه الملحمة لأبناء وطني الحبيب بما صنعه أبطال الكرامة لتعطينا دفعة قوية لمواجهة الأخطار التي تحيط بنا, ففي الحادي والعشرين من آذار من عام 1968 سطّر نشامى الجيش العربي نصرًا مؤزرا على أعداء الأمة وكان له الأثر الكبير في رفع الروح المعنوية للجندي العربي الذي كان قد خيم عليه اليأس والإحباط لما أصاب الأمة من هزيمة غير متوقعة في حرب عام 1967 , فأعادت معركة الكرامة الأمل للأمة وأسقط الجيش العربي الأسطورة التي كان يتشدق بها العدو متوهمًا وموهمًا بأنه الجيش الذي لا يقهر ولم يكن يدور في حساباته أن القوات المسلحة الأردنية بأسلحتها المتواضعة "إذا ما قورنت بما يملكه العدو من طيران وأسلحة متطورة" قادرة على أن تلحق به هزيمة لن ينساها مدى الحياة.

لقد تحقق النصر في الكرامة وهُزم العدو تاركًا وراءه آلياته وقتلاه في ساحة المعركة ولعل أهم أسباب النصر أن أبناء الجيش العربي عقدوا العزم وبعد التوكل على الله أن لا يدوس العدو أرض الوطن مهما كانت التضحيات فقد تحقق لديهم الوعي السياسي العميق لما يحاك للوطن من مؤمرات وهذا ما أستنتجته من سيرة والدي رحمه الله، فقبيل المعركة بأيام كان رحمه الله مجازًا مرضيا, وعندما أيقن أن الحرب قد باتت لا محالة في أية لحظة, قطع إجازته والتحق بوحدته, وبشهادة والدتي – رحمها الله – والعديد من أقاربي حالوا أقناعه دون جدوى بأن يبقى في بيته كونه مجازا, فكان ردّه الذي لازال يتحدث به أهل القرية " إنني لست خائنًا لديني ووطني " بهذا المفهوم والوعي الوطني الكبير جابه به أبطال الكرامة العدو فحققوا النصر الكبير.

ومن الأسباب أيضا لتحقيق النصر في معركة الكرامة وهو الأكثر أهمية الوحدة الوطنية التي تمثلت بين القيادة والجيش والشعب فقد تجاوز الوعي الوطني عند أفراد الشعب الأردني الواحد يومها كل المفاهيم الضيقة التي يمكن ان تزعزع الثوابت الوطنية من السموم التي غزت الان مجتمعاتنا العربية بكل أسف بل كان الجميع قيادةً وجيشًا وشعبًا يعملون مخلصين معًا لصناعة النصر, وتحقق النصر ونال العديد منهم الشهادة. ويحق لي أن أفتخر واعتز بأن والدي كان احد هؤلاء الأبطال من شهداء معركة الكرامة "الشهيد أحمد شحاده العُمري" وإن كنت لم أراه ولكنني حظيت بأن سُميت على اسمه, وما تركه لي من إرث عظيم هو مجال فخري واعتزازي بأن أكون ابن ذاك الشهيد البطل, كيف لا والشهيد أكرم البشر فقد كرّم الله سبحانه وتعالى الشهداء بقوله تعالى " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚبَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" صدق الله العظيم.
بمثل هذا الوعي الوطني العميق عند هؤلاء الرجال من ابناء قواتنا المسلحة انتصر الوطن ولم يكن في حساباتهم مصالح شخصية ضيقة ودنيوية بل كانوا مؤمنين, صابرين محتسبين عند ربهم, يستمدون عزيمتهم من قيادتهم الهاشمية.

ان الظروف التي يمر بها الوطن اليوم وما يواجهه من تحديات وصعوبات إقتصادية وسياسية وصحية وفساد ينخر في المجتمع الاردني يفرض علينا أن نستلهم من تلك المعركة أهمية الوعي وتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة هذه التحديات ، فالظروف التي مر بها الوطن في أعقاب حزيران وقبيل معركة الكرامة لم تكن بأفضل من هذه الظروف ومع ذلك تحقق النصر بالإيمان والصبر والعزيمة القوية وبالوحدة الوطنية. فعلينا أن نعقد العزيمة ونتوكل على الله ولا نفقد الأمل بأن المستقبل إن شاء الله سيكون أفضل بالوعي وبتلاحم الشعب بمختلف أصوله ومنابته مع مؤسسات الدولة والقيادة الهاشمية.
إن الإجراءات التي اتخذتها الدولة بتوجيهات ملكية سامية لمواجهة انتشار الفايروس تحملنا مسؤولية وطنية في الالتزام بها حتى نتمكن من محاصرة هذه الجائحة والقضاء عليها ليعود بلدنا سالما معافى بإذن الله، والشعوب دوما تظهر قوتها الحقيقية في مثل هذه الظروف،وقد اكد جلالة الملك ان صحة الأردنيين أمر مقدس يتقدم على كل شيء وسلامتهم فوق كل اعتبار،موعزا للحكومة تكثيف الجهود لتخفيف الأعباء عن المواطنيين .
 
تابعو الأردن 24 على google news