انتخابات المعلمين والكتلة الحرجة!
انتخابات المعلمين سجلت لهذه الدورة نسبة اقتراع 76.6 %على مستوى البلاد، وهي الاعلى في تاريخ النقابة الفتية. وبحسب النتائج المعلنة فان التيار المستقل قد حقق فوزا في الانتخابات كاسحا بنسبة 60 %، فيما حصل تيار المعلم القريب من الاخوان المسلمين على 4 % من المقاعد البالغة عددها 164 مقعدا.
عمان سجلت أدنى نسبة بالمشاركة بالانتخابات، وعجلون الأعلى وفي الزرقاء وإربد حصد تيار المعلم حصة الأسد، فيما حافظ المستقلون على حصصهم في بقية المحافظات، وباستثناء عمان التي زادت حصة المستقلين بها، ولربما كانت هي الفاصلة في تفوق المستقلين على الاسلاميين في انتخابات المعلمين.
الفائزون من غير الاسلاميين والمستقلين من كتلة الكرامة والمهنية حصدوا مقاعد متواضعة العدد، ولا تعطيهم بحسب نتائج الانتخابات ومؤشراتها أن يكونوا ورقة ضاغظة ولاعبة بقواعد انتخاب المجلس المركزي للنقابة المزمع اجراء انتخابتها في 13 من نيسان القادم.
النقباء السابقون لم يترشح منهم سواء باسل فريحات النقيب المنتهية ولايته في الدورة الثالثة لنقابة المعلمين. من اللافت أن المعلمين الذين قادوا حراكا نضاليا لولادة نقابة المعلمين اختفوا عن المشهد الانتخابي في هذه الدورة، ولربما أن هذا التيار الخارج من رحم اليسار والقوميين اصابه تشققات وانقسامات، وعلى المشهد العام تفاجأ بانه بلا رصيد جماهيري في صفوف المعلمين وخارجها.
النظام الانتخابي»النسبي» للنقابة جديد، ولربما التطبيق العملي الاول له عكس صورا إيجابية عن نجاعة النظام الذي قاومه الاسلاميون، وبثوا دعاية مضادة تتهم اطرافا تسعى لاقراره لتجحيم نفوذ وسيطرة الاسلاميين على النقابة، ولكن بحسب النتائج فان النظام الانتخابي قويم وعادل بالتمثيل والمشاركة، ويشكل قفزة في تطوير العمل النقابي نحو عدالة التمثيل وتطوير الاداء والدور النقابي.
انتخابات المعلمين يمكن اعتبارها مجسًا للمزاج والجو السياسي العام في البلاد. ويصعب أن تنزع عنها نكهتها السياسية، والبعض يذهب الى اعتبارها بروفة للانتخابات النيابية وأبعد من البلدية، وانا أميل الى هذا التقدير، باعتبار أن المعلمين ليسوا شأنا قطاعيا بحتا. وكما أن نظام الانتخاب النسبي تبين أنه الانجع والأسلم، وأنه باني لعدالة ديقراطية انتخابية تنهي ما يسمى سياسيا بالمغالبة بنظام القوائم المغلقة المعمول به بالانتخابات النقابية السابقة، واعتمد في الانتخابات النيابية.
في انتخابات المعلمين ظهرت كتلة حرجة «ثالثة «، الكتلة هي مفاجأة خارجة عن الاستقطاب الاسلامي والتيارات القريبة من « السيستيم «. وفي المعلمين تلامس ولادة لتيار جديد، ولربما ليس حاملا لهوية سياسية تنظيمية واضحة الملامح الا أنه يسير على مسرب لا يتقاطع مع المسارب الاخرى. حصد اصواتا رافضة لان تكون في خندق اخرى.
الاسلاميون بلا شك يواجهون سياسيا ازمة عتية. ولربما أن دون قراءة مؤشرات الانتخابات ولو عدنا الى المؤشر الشعبي، فالاسلاميون خرجوا من مربعات كثيرة، وقد دخل اليها قوى جديدة، تحمل عناوين وشعارات وقضايا سياسية ومطلبية واجتماعية، ولربما سياسيا بات من الضروري ان يتحول صوتها في الشارع الى قوة انتخابية في البرلمان والبلديات والمجالس المنتخبة.
جمهور شعبي يتحول من الهامش الى المركز. الكتلة الثالثة «الحرجة» ليست وليدة اليوم، ولكن ارهاصاتها تشكلت من بدايات الاحتجاجات بدءا من ذيبان الى معان والطفيلة والكرك والساكب، والمفرق، وما يدفق في المجتمع اليوم من حراكات شعبية احتجاجية مطلبية وقطاعية واجتماعية وسياسية، ولربما تكون هي الفارق في السياسة الأردنية لولا ما يجري من تقزيم وتصغير وتهميش لقوتها وحضورها العام، وسياسيا قد سميتها الكتلة الحرجة «الثالثة».
الدستور