خط الفقر.. وراء كل غني مليون فقير!
في الأردن 2 % يملكون أضعاف ما يمتلكه نصف السكان دخلا وأكثر. وتستحوذ طبقة الـ3 % الاكثر ثراءا على 70 % من مجمل ثروات الاردنيين، أي أن أقل من 5 آلاف شخص يحصلون على حصة 7 ملايين أردني.
هوة سحيقة في توزيع الثورة، ولربما هذا الحال لغياب العدالة الاجتماعية ليس محصورا في الأردن انما على امتداد رقاع الجغرافيا التائه والمتعسرة على خرائط العالم الثالث، وتمتد الى ما هو أوسع على العلاقة بين الجنوب والشمال، حيث تستحوذ شركات عابرة للقارات على ثروات العالم والاقتصاد العالمي «الكونولنية « الرأسمالية من القرن التاسع عشر حتى ما بعد العولمة.
أردنيًا الحكومة تعهدت بالاعلان عن دراسة لـ»خط الفقر»، ولربما كان من ضرورة المنطق أن تجري الحكومة دراسة موازية عن خط الغنى. وهذا من باب الحكمة في ظل انفجارات اجتماعية تلقي بمئات من الأردنيين من خارج الحياة الكريمة لينضموا لقوافل الفقراء، وبينما تعيش شريحة صغيرة ومحدودة العدد والتعداد في معيشة فوق الخيال.
نصف الأردنيين وأكثر هم فقراء. الموظف راتبه لا يزيد عن 400 دينار، وأي منزل في الأردن يدفع شهريا فواتير كهرباء وماء واتصالات لا تقل عن 120 دينارا، وبمعنى أن 40 % من الدخل يذهب فواتير، ويضاف اليه فاتورة محروقات ونقل عام، ويصفي الراتب لسداد فواتير الخدمات، فكيف سينفق على الطعام والشراب والتعليم وغيرها، وبمعنى الفقير العاجز عن توفير مؤنة لاهله او أولاده.
فما ترون من فنادق ومطاعم وقصور فارهة، وسيارات من أحدث الموديلات باهظة الثمن، فذلك لأن مئتي الف شخص فقط هم الاغنياء وعددهم سيملأ حتما مطاعم وفنادق، ومحلات الكماليات في عمان. ويضاف الى جانبهم اثرياء من جنسيات عربية يقيمون في الأردن.
سعر دونم الارض في دابوق بلغ 2 مليون دينار وأكثر. وهناك عائلات من عشرات افراد يسكنون في غرفة واحدة يزرب من سقفها مياه الامطار، وتسيل من جانبها مياه الصرف الصحي، وتحرق اسطحها شمس الصيف لأن الزينكو قد اهترأ وما عاد يقي من الحر والبرد، وهذه الصور التي اتحدث هنا ليست من مخيمات، بل قرى أردنية في الكرك والطفيلة ومعان والمفرق واربد وعجلون.
أحزمة بؤس جديدة تولد في أحضان المدن الأردنية وأطرافها. قانون الاقتصاد الذي حكم الدولة وإدارة شأنها العام بوحشية في العشرية الاخيرة يبشر بفقر لا منتهي، ويبشر بموجة لا تنتهي من الاحتجاج المطلبي والاجتماعي والمعيشي، ويبشر بخروج الاف الأردنيين باحتجاجات عشوائية ومنظمة تعبيرا عن الظلم الاجتماعي والمطالبة بأبسط الحقوق الاجتماعية والانسانية، وهي توقعات تقاس بالتجارب التاريخية.
قبل اسابيع خرج ابناء معان والعقبة والكرك وذيبان في نزوح نحو الديوان الملكي بحثا عن فرصة عمل، وقدموا صرخة وطنية مدوية من عواصف البطالة والغلاء التي تواجه الأردنيين في الأطراف.
تقارير اقتصادية دولية تشير الى أن عمان من أغلى مدن الشرق الاوسط والعالم. والى جانب ذلك يشير تقرير التنمية البشرية الى أن أي شخص دخله اليومي يقل عن 10 دولارات، اي 300 دولار شهريا هو فقير، وأن قسنا على تقرير التنمية البشرية فان أكثر من 2 مليون بالاردن هم فقراء بلا شك.
فلا يغتني غني الا بفقر فقير، قول قديم. ولكنه مفسر لسر ارتفاع حدة الغنى الفاحش والمتوحش وحدة مظاهره في الشوارع بشكل اعتيادي، يعني سيارة حديثة ورقمها مميز ثمنها يزيد عن نصف مليون دينار. هذه عدوى مظاهر الغنى الفاحش، وكما قال رجل يعمل في متجر بسيط اعجبته فكرة خط الفقر، وتمهل الحكومة بالاعلان عن الارقام، فقال لو أنه يأخذون راتبي عينة للدراسة فقط لأني لا استلم منه قرشا واحدا، والرجل الخبير بالحياة لخص احوال الأردن بين عاطل وفقير يحتجون واثرياء واغنياء مظاهر بذخهم لم تنقطع، وهذا الحال بما يخفي صراعية اجتماعية حتمية.
الدستور