عمان - دمشق.. لماذا لا نُفكر في المصالح أولاً؟
فارس الحباشنة
جو 24 :
في مقاربة العلاقة الأردنية -السورية يجدر تجاوز كل المعوقات والمعطلات لتعبيد الطريق السياسي والدبلوماسي والاقتصادي بين عمان ودمشق. وبلا شك أن المشكلة هنا أن يتم تجاوز إرث الخلافات، والقفز فوق مواقف لقوى محلية غير راغبة بعودة العلاقات الاردنية -السورية، وتمارس خلطا ممزوجا بالعمى والتضليل السياسي لتعزيز هذه الاتجاه في السياسة الأردنية.
في غبة انفراج العلاقة الأردنية -السورية، واعادة فتح معبر نصيب، وما انبعث عن آمال أردنية وسورية على تدفق الحياة في الشريان الاقتصادي والتجاري بين البلدين، والحديث الأردني الغامر عن اعادة اعمار سورية. ففي جدول المتابعات كنا نتوقع بأي لحظة زيارة لرئيس الحكومة الأردني عمر الرزاز الى دمشق أو العكس من قبل نظيره السوري.
لربما أن السؤال عن العلاقة الأردنية -السورية خارج ما هو كان متوقعا عاد الى مربع باهت رمادي اللون، وخرجت عن سقف التوقعات، ولم نسمع بأي تطورات باتجاه الذهاب أكثر وأوسع بين البلدين نحو علاقات ثنائية سياسية واقتصادية متميزة في اقليم ملتهب في المفاجآت وعواجل لصفقات وتسويات ترامب ونتنياهيو للصراع الفلسطيني والعربي -الاسرائيلي.
ولا يغيب الاهتمام بالعلاقة الأردنية -السورية الحديث عن راهن الاقليم والمرحلة المقبلة. وهو متعلق بمستقبل التنسيق والتشاور بين البلدين، وهل سيقفان عندما انتهت اليه الاحداث والوقائع الجديدة في شرق أوسط ملتهب بالمفاجآت؟ تمتين العلاقة مصلحة أردنية وسورية مشتركة، ولا بد أن يتجاوز الموقف السياسي في عمان ودمشق حسابات التعطيل والمماطلة في إحياء العلاقة.
الاسابيع الماضية حملت إشارات تصعيد دبلوماسي خشن. واللافت أن المتفق عليه بين البلدين يفوق كل رتوش الخلافات الطارئة والسطحية والمفتعلة. وذلك كله لا يعفي الاردنيين والسوريين على كل المستويات، من استغلال المناخات الممكن والايجابي، للانطلاق في تقويم تاريخي للعلاقة بين البلدين، وعلى قاعدة تحديد دقيق للواقع، وتوزيع عادل للمسؤولية، فالأردن تحمل أذى كبيرا جراء حرب سورية، والتفكير في اولويات المصلحة الآنية والمستقبلية.
في ملف اللاجئين السوريين ما زالت الفكرة الصلبة لدى دول الغرب أن الوضع في سورية غير مناسب لعودتهم طوعية. وما يحصل من نقاشات حول معنى العودة الامنة يبدأ الحديث عن الصعوبات الاقتصادية والتسوية السياسية وآثار الحرب، ومن ثم ينتقلون للحديث عن قمع اللاجئين من قبل السلطات السورية. والموقف الغربي من اللاجئين لا يقرأ خارج الضغوطات وفرض شروط على العودة.
وقد تشكل ذلك ضمن برنامج سياسي غربي يمتد الى الضغط على نظام بشار الاسد لاجراء تغييرات سياسية بالطريقة التي يراها الغرب. وفق هذه السياسة فقد تم تعطيل عودة اللاجئين، والتأخير في حسم هذا الملف لسنوات، ولا يخفى ذلك بتصريحات سياسيين غربيين. ويذهب بعضهم الى أن ملف عودة اللاجئين مرهون لحين اجراء انتخابات نيابية ورئاسية في سورية.
الدولة السورية استعادت سيطرتها بعد حرب ثمانية أعوام على كامل أراضيها. وليس ثمة ما يمنع من ممارسة كامل سلطتها. وأردنيا ليس ثمة ما يمنع من التقدم الى المربع الاول في العلاقة بين عمان ودمشق. واعادة ترتيب الحسابات الوطنية الأردنية، باستدارة نحو بوابة دمشق، طريق العبور التجاري الاردني نحو آسيا وأوروبا.
الرهان مفتوح، ولربما أن الفرصة على أرض الواقع غير مسبوقة. وكلا البلدين أمامهما رهان على مبادرات الى فرض أمر الواقع على تواصل عام مفتوح بين البلدين على كل المستويات، ولتجاوز المعيقات والمعطلات والقفز من فوقها. ولتسريع إعادة اللاجئين السوريين الى ديارهم واليوم قبل الغد، وذلك مصلحة اردنية وسورية مشتركة.