الحقائق على الأرض والتقييم الواقعي
فراس الصمادي
جو 24 :
تسارع الأحداث في المنطقة مستمر وبتصاعد ان لم يكن بشكل يومي فعلى الأقل أسبوعيا مع اقتراب استحقاقات انطلاق "صراع" التسويات السياسية وإعادة صياغة المنطقة من شمال إفريقيا إلى شرق المتوسط على السواء بفعل الرؤية الدولية)الأمريكية) لفرض حلولا لتسوية في الإقليم أو كنتيجة طبيعية كانت أم قسريه ل تطور الصراع في المنطقة ضمن حركة التطور التاريخي وحقوق الشعوب في تقرير المصير وشكل وجوهر الحكم، حدثان مهمان أثارا التساؤل في الأيام الأخيرة الحدث الأول اعتراف الإدارة الأمريكية بالجولان ك أراض تحت السيادة "الإسرائيلية" والذي عبر عنه ترامب كحق استباقي ل "إسرائيل" في ضمان امنها ضمن أي صفقة قادمة "تخُص السلام في الشرق الأوسط" وفق تصريح ترامب نصاً، وهو يعني بشكل أخر انه لا سلام دون مشاركة سوريه واعتراف سوري ب "إسرائيل" دولة شرق أوسطية منذ 1948 وان ملف الجولان على طاولة التفاوض، وبنفس الوقت رسالة غير مباشرة إلى ان مفتاح التسوية السياسية في سوريه مرتبط بالتسوية الإقليمية للسلام في الشرق الأوسط ، والحدث الثاني هو استحضار رُفاة احد القتلى من الجنود "الإسرائيليين" في حرب 1982 لدعم نتنياهو عشية الانتخابات "الإسرائيلية" والذي يؤشر إلى وجود صفقة "ما" لم تتضح معالمها بعد إلا إنها تؤكد ان تفاهما أمريكيا- روسيا تم لمحاولة اعتماد نتنياهو "الضعيف" المحاصر بقضايا الفساد كطرفاً "إسرائيليا" في مفاوضات التسويات القادمة.
وبانتظار الإعلان عن خطة السلام الأمريكية التي تأخرت إلى حين إنجاز بعض الاستحقاقات المرتبطة في المنطقة وان أصبحت معالمها اكثر وضوحا بما سوف تعتمده من مبدا جوهره الاستناد إلى "الحقائق على الأرض والتقييم الواقعي" وفق تصريح وزير الخارجية الأمريكي، بإسقاط هذا المبدأ على الواقع سيترك للفلسطينيين التفاوض على أراض دولة "حماس" في غزة وبعض المناطق الخاضعة "للسلطة" الفلسطينية في "الضفة الغربية" ك أراض لدولة فلسطينية مع احتفاظ "الكيان الصهيوني" بالسيطرة الأمنية على حدود الضفة وغرب الأردن ،وأما صراع المقدسات في القدس فلن يتجاوز سقف تدويل الإشراف على المقدسات للديانات السماوية الثلاث بتمثيل اردني فلسطيني و"إسرائيلي" كهدف ممكن التوصل له وفق مبدأ الحقائق على الأرض واستنادا لهذا المبدأ سيتم التعامل مع قضية اللاجئين والنازحين وخصوصا ان هناك توافق مسبق وفق" أوسلو" و"وادي عربة" بتشكيل لجنة عمل رباعية مصرية أردنية فلسطينية و"اسرائيلية" لبحث الأمور التي تهم هذه الأطراف بما فيها ما ورد نصا بالعمل على" توطينهم"، أما التسريبات التي تحدثت عن تفاهمات وتبادل للأرض وتعويض ومشاريع اقتصادية هنا وهناك فهي ليست اكثر من تفاصيل خاضعة للتفاوض لاحقا بما يعزز بقاء الفلسطينيين ضمن الفضاء "الإسرائيلي" - المصري - الأردني ومن غير المستبعد لاحقاً "حلم" البينولكس الأردني- الفلسطيني- "الإسرائيلي" كهدف استراتيجي جاري العمل على تأسيس "بنيته التحتية "سياسيا واقتصاديا ،و يبقى الملفت في تبادل الأراضي التسريب الأخير حول تعويض الأردن عن أراض سيتم التنازل عنها ب أراضٍ سعودية بنفس المساحة فالسؤال هنا عن ماهي هذه الأراضي التي سيُطلب ان يتنازل عنها الأردن هل هي جزء من بعض أراض المستوطنات التي تعود ملكيتها ل خزينة الدولة الأردنية أم أراض الباقورة والغُمر التي لم نسمع أو نقرأ أي خبر عنها بعد قرار عدم التجديد ل "إسرائيل" باستخدام هذه الأراضي وبالتالي ستخضع لنفس مبدأ "الحقائق على الأرض ".
واستنادا إلى نفس مبدأ "الحقائق على الأرض والتقييم الواقعي " لا يمكن أولا الحديث عن خطة سلام يمكن تطبيقها دون وجود ممثلا ل جوهر الصراع الطرف الفلسطيني المعني الأول والأخير الذي اعلن موقفا واضحا انه لن يتعامل مع الطرف الأمريكي ك وسيطا للسلام ، وفلسطينيا القبول ب تنازلات لا تتوافق مع "الحد الأدنى" الذي تطالب به السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير والمتعلق ب تنفيذ قرارات "الشرعية" الدولية وإعلان الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران بما فيها القدس الشرقية أمرا لا يمكن ل أي قيادة فلسطينية ان تتنازل عنه، ولعل افضل وصف يمكن إطلاقه على التصور الأمريكي لخطة السلام ما ذكره وزير الخارجية الروسي في زيارته الأخيرة ل مصر إذ صرح أن أي مقترحات للسلام بین العرب وإسرائيل دون الاعتماد على الأطر القانونية الدولية المعترف بها لتسوية قضیة الشرق الأوسط إننا على الیقین أنه "طریق مسدود"، ورغم ذلك فان الحقائق على الأرض ستفرض بالضرورة الذاتية والموضوعية استحقاقات لا يمكن القفز عنها لمواجهة أزمة مركبة سيفرضها صراع فرض التسويات القادم ففلسطينيا لابد من تسوية فلسطينية داخليه عنوانها التمثيل الموحد للشعب الفلسطيني والاتفاق على برنامج لمواجهة الضغوطات القادمة ولا يستبعد إطلاقا ان تكون الانتفاضة الفلسطينية القادمة مخرجا للأزمة الداخلية الفلسطينية يتوحد من خلالها الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه ووجوده إلى ان تنضج الظروف التي تعيد صياغة البرنامج الوطني الفلسطيني الذي يوحد الشعب الفلسطيني على كامل التراب الفلسطيني المحتل عام 48 و ال 67 في مواجهة الاحتلال الصهيوني و"قوميته" العنصرية.