jo24_banner
jo24_banner

عودة السفير القطري إلى الأردن

د. حسن البراري
جو 24 :



يبدو أن علاقات الأردن بقطر لم تعد تنتظم وفقا لدقات ساعة عواصم عربية باتت تحاصر الأردن اقتصاديا لدفعة إلى الامتثال وإخضاع سياسته الخارجية وفقا لأولويات هذه العواصم. فهناك ما يجمع الأردن وقطر، فالأولى محاصرة اقتصاديا في حين أن الثانية محاصرة ومقاطعة من قبل رباعية عربية تسعى لتجريد قطر من قرارها السيادي.

تبادل الزيارات على مستوى عال بين الأردن وقطر في الفترة الأخيرة يشي بأن الدوحة تفهمت قرار الأردن المتسرع بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي وأن الأردن بدأ بالفعل يدرك جدوى ما كنا نطالب به منذ عقد من الزمان والمتمثل بتنويع التحالفات في السياسة الخارجية. فعندما اندلعت الأزمة الخليجية في الخامس من حزيران في عام ٢٠١٧ كنت من المطالبين بأن يكون الأردن على مسافة واحدة من الاشقاء العرب جميعا وألا يضع نفسه في خندق التحالف الاماراتي السعودي.

وكانت مطالبتي بحياد الأردن في الأزمة تنبع من قراءة عميقة لتحولات كبيرة في مصفوفة مصادر التهديد وأولويات السعودية التي أخرجت إسرائيل من حساباتها، وهي قراءة لامني عليها الكثيرون في الأردن لكن ثبتت صحتها بعد أن سقطت ورقة التوت عما كان يسمى بمحور الاعتدال العربي. طبعا كنت قد أوردت تعريفا للاعتدال في ذلك الوقت واعتبرته تعبيرا ملطفا للخنوع والامتثال للمنطق الأمريكي والصهيوني. وعلى نحو لافت، تبين للشعب الأردني أن الأردن يقف وحيدا في مقارعة قوى أكبر منه وأقوى منه بكثير، فصفقة القرن هي كارثة تضاهي نكبة اللجوء في عام ١٩٤٨، وحتى يتسنى لنا دفع الأذى لا بد ألا نضع بيضنا في سلة واحدة.

على الرغم من وجود نخب أردنية -سياسية وأكاديمية- انحازت للموقف المناهض لقطر وعملت دون كلل أو ملل على شيطنة قطر إلا أن الرأي العام الأردني لم يتأثر بهم، وهناك العديد من المؤشرات التي تفيد أن التعاطف الأردني مع قطر وصل ذروته بعد الحصار المفروض على الدوحة وبعد أن وقفت قطر مع الأردن في أزمته الاقتصادية بالرغم من قرار الأردن بتخفيض العلاقات الدبلوماسية. وشكل مقتل خاشقجي نقطة تحول في موقف الرأي العام الأردني تجاه الأزمة الخليجية برمتها. نستفيد في الأردن أكثر لو تمكن الاشقاء في قطر والسعودية والإمارات والبحرين من طيّ صفحة الخلاف لكن هذا يبقى في باب الأمنيات. وإلى أن يتحقق ذلك لا يتعين علينا في الأردن أن ننضوي في معسكر ضد الآخر إذ أننا بحاجة تكاتف الجميع للتخلص من حالة الانكشاف الضارة.

لا يمكن للأردن أن يكون مقنعا أو حتى جديا في معارضة صفقة القرن في وقت لا يمكن له أن يتخذ قرارا سياديا بعودة السفير القطري وبخاصة وأن السعوديين يتحدون إن كانوا قد طلبوا من الأردن قطع او خفض العلاقات مع قطر. والسعودية ليست دولة كرتونية حتى تقتص من الأردن وتطرد المغتربين الأردنيين هناك، فهم ليسوا رهائن وعودة العلاقات الدبلوماسية بين الأردن قطر تصب في صالح الأردن وليست موجهة ضد أحد. وربما حان القوت للتأكيد على حقنا السيادي في صوغ سياسة خارجية تخدم مصالحنا ووفقا لأولوياتنا وليس أولويات الآخرين.

وسأختم بالسؤال فيما إذا كانت لعبة المحاورة تخدم الأردن وتحديدا إن كان هناك علاقات تبعية بين الأردن والسعودية تمنع من عودة السفير القطري، وإذا كانت هناك بالفعل علاقة تبعية ما هو العائد اردنيا؟ على النخب التي تُنظّر لعلاقات خاصة بين الأردن والسعودية (مرادف للتبعية) أن يقنعونا بالعائد، وعليهم أيضا أن يفسروا لنا كيف يستفيد الأردن من سياسات جديدة لبعض العواصم تستهدف بشكل غير مباشر الأمن الوطني الأردني.
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير