البحث جاري عن اعلاميين للدفاع عن صفقة القرن!
د. حسن البراري
جو 24 :
في السابق كان الحزب الجمهوري تحديدا يتبنى الفرضيات التالية: الأنظمة العربية معزولة عن الشارع الذي يتحدث ويعارض ولا يفعل شيئا، ولهذا السبب تحتاج هذه الأنظمة في معركة البقاء لأمريكا أكثر من حاجة أمريكا لها، وعليه ليس أمام هذه الأنظمة سوى الامتثال لأمريكا. وهذا يفسر جزئيا بعض السياسات الأمريكية التي تحرج الأنظمة العربية، فهي أي واشنطن لا تخشى من أو على هذه الأنظمة.
يبدو أن تغيرا قد طرأ على هذه الفرضيات بعد موجات الربيع العربي الأولى والثانية. فالأنظمة العربية باتت تخشى من الشعوب التي اكتشفت فجأة بأنها قادرة على الاطاحة بأي نظام مهما بلغ من القوة والتأييد الدولي. فكلفة بقاء أي نظام رغما عن الشعب أصبحت عبئا كبيرا على هذه الأنظمة.
اللافت أن الولايات المتحدة بدأت تدرك جيدا أن الرأي العام العربي هو البيئة التي تفرض قيودا كبيرة على الأنظمة العربية بخصوص الموقف من صفقة القرن. فليس من السهل على أي نظام عربي أن يقبل بصفقة القرن دون أن يتعرض لوابل من الانتقادات من قبل الشعوب العربية، وهو أمر يسعى لتجنبه الكثير من هذه الأنظمة التي باتت تخشى شعوبها أكثر من أي شيء آخر. وكل محاولات جاريد كوشنر لكسب تأييد الأنظمة العربية لم تحقق ما كان يرنو إليه. ومع ذلك، ستعلن الولايات المتحدة صفقة القرن بشهر حزيران أي بعد أن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومته. وتتوقع الولايات المتحدة معارضة الشارع العربي لهذه الصفقة، لذلك البحث جاري عن اعلاميين وخبراء لخوض معركة كسب الرأي العام العربي وتجنيده لتأييد وتفهم صفقة القرن التي تستهدف القضية الفلسطينية وتسعى للإجهاز عليها مرة وللأبد.
أردنيا، علينا فهم تصريحات غرينبلات بشأن عدم احتواء صفقة القرن لأي حديث عن الكونفدرالية أو تحويل الأردن إلى وطن بديل وأن بقاء واستقرار الأردن في غاية الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة في سياق التضليل ومساعدة اتباع غرينبلات المتكسبين بالأردن لعلهم يتمكنوا من تليين الراي العام العربي من خلال تكرار جملة من الأكاذيب والخداع الممنهج. وكأن اخراج القدس من ملف المفاوضات وشطب حق العودة والاجهاز على حل الدولتين لا يشكل تهديدا مباشرا للأمن الوطني الأردني! وعلى نحو لافت، احتفى البعض بتصريحات غرينبلات وكأن الأردن لم يعد مستهدفا!
لن اتوقف عند هذه الشريحة غير المؤثرة من الأردنيين، لكن هناك ضرورة لمقارعة بعض الفضائيات التي قد لا تظهر حماسا في معارضة صفقة القرن أو ربما سيقوم بعضها بتأييد الصفقة والترويج لها على اعتبار أن هناك ضرورة لحل الصراع وتكريس كل الجهود للتصدي لإيران. وحتى أكون مباشرا، هناك فضائيات عربية مؤثرة يمكن للأردن ان يستفيد منها في سياق كسب الرأي العام العربي واحراج الأنظمة العربية القوية التي يمكن لموقفها من صفقة القرن سلبا أو إيجابا أن يصنع الفرق. لحسن حظ الأردنيين أن القناة الأكثر تأثيرا والاوسع انتشارا في العالم العربي تتبنى خطا تحريريا ينحاز بشكل كامل للشعوب العربية وحقوق الشعب الفلسطيني بشكل كامل. وبتقديري أن هناك ضرورة للاستفادة من موقف القناة بما يخدم مصالح الأردن في معارضة صفقة القرن دون أن يترتب على ذلك كلف ربما ستكون موجعة بالنسبة لعمان.
لا نذيع سراً عندما نقول بإن الاعلام الرسمي غير فعال، فهو غير قادر على اقناع الأردنيين فما بالك اقناع العرب. وهذا يستدعي صوغ استراتيجية بغية تحقيق هدفين: الاستفادة من أي منبر اعلامي مؤثر وبخاصة الفضائيات العربية لإحراج الأنظمة العربية التي لا تمانع صفقة القرن وللمشاركة في معركة كسب العقول والقلوب في عالمنا العربي. وثانيا، الحذر من تحول بعض اتباع غرينبلات الى حصان طروادة لتشويش الرأي العام الأردني.