jo24_banner
jo24_banner

ليبرالي أردني!

فارس الحباشنة
جو 24 :

ليبرالي أردني. سؤال وجه الى سياسي أردني هل أنت ليبرالي؟ فأجاب: نعم ليبرالي ونص، وليبرالي وأكثر. والليبرالية «بتنقط من اجنابي»، وبمعنى أنه يحمل زائدا وفائضا من الليبرالية يمكن ان يوزعه على الجيران وسكان الحارة. وعندما حاورته على السريع بكم قضية وطنية سياسية واقتصادية وفكرية وحقوقية، اصابتني دهشة فاكتشفت أني ليبرالي أكثر منه دونما تسمية ونعت ووصف، وانه لا يفقه بالليبرالية ولا يحمل في رأسه الكبير منها غير قشور ومفردات صفراء.
ليبرالية في المنطوق السياسي الأردني تتجلى بالايمان بالحرية : مشوية ومقلية وسادة ونص حلاوة، وسكر زائد. تنويري بلا جدال وسؤال، وبالمطلق، وضد القمع بكل الاماكن والازمنة، ولا اعرف كيف يفسر سكوته عن كل قضايا حريات وحقوقية كثرة لشرائح اجتماعية تناهض القهر بالحياة والنضال نحو حياة أفضل.
أردنيا، كيف تصبح ليبراليا؟ حتما الوصفة الاردنية غريبة وظريفة بعض الشيء. يمكن أن تجمع الليبرالية ساحرا ومشعوذا وبائع بخور، تقاطع في الهويات والادوار ووتتفق وتجتمع على عنوان واحد «ليبرالي «، لا يجد ضيرا في تبرير التطبيع، وتسفيه الهوية الوطنية ومحوها، واستبدال الاعداء الحضاريين للامة والوطن، وتعليب الحرية على أنماط تتقاطع مع الاهواء والحسابات الانية، فالرأي وحريته يكون محرما على « فلان وعلان» من أبناء العوام، وفيما اخرون مباح ومسموح ومصان ومحمي.
فاكثر ما تجد أن الليبرالي الاردني عدو للحرية والرأي، وقيم الاختلاف، وهي الادبيات الصلبة لليبرالية. والامثلة كثيرة، وبالتقلب والتناقض والفهلوة، والشطارة في السياسة التي تحرم الحلال وتحلل الحرام، وقس على ذلك من الثابت الوطني الاردني الى السياسي والاقتصادي والثقافي المتحول والمتحرك في مجتمع يغص بالتناقضات والازمات والمحن والاسئلة المعلقة.
الليبرالية «قلة قليلة « وليسوا نخبة، وحماسهم القوي اقتصادي. واختبؤوا وراء مشاريع الاصلاح الاقتصادي. ولم يعرفوا ما يقولون في المسائل السياسية الوطنية والاجتماعية، بل عندما تأتي أزمة أو ظرف طارئ ليقولوا رأيا ويفكوا الرصد عن لاوعيهم الوطني والسياسي تكون المفاجآت الكبرى، والندب في خطاب محمول بالتناقض والتقاطعات الغريبة على حالة التاريخية الوطنية الاردنية.
فلو قلنا لليبرالي حدثني عن المرأة، غير الكوتا وتزويرها على قياسات اجتماعية وطبقية تخدم رعايا البزنس والطبقة المخملية. فكيف نتفق على وضع المرأة. فماذا لو انتقلنا الى الاعلام وحرية الرأي والتعبير. فتجد ان الليبراليين في السياسة الاردنية من أكثر المروجين لقوانين الكبت والتضييق على الحريات، وينظرون بعين عوراء الى الحرية والتعبير.
ما هو موقف الليبرالي من العدالة الاجتماعية ؟ وعندما يكون الليبرالي خارجا من تحت عباءة بنك أو شركة مقاولات أو تامين او اتصالات مثلا ؟ فماذا يمكن ان يقول ؟ وغير أنك تحاور صاحب مصلحة وشركة واقف على رأس ماله يحارب من أجل تثبيت قوانين وتشريعات وقرارات وسياسات عامة لا تخدم الا مصالح البزنس والطبقة.
صراحة، وأكثر ما يثير الامتعاض والاستفزاز القول أن هنالك ليبراليا أردنيا، عطفا على ما سبق، ودون كر لتفاصيل أخرى حتى بلا نقع في جرم التشهير والبوح الصريح.
فلا يكفي أن تقول عن نفسك ليبراليا حتى تكون ليبراليا، ولا يكفي أن ترافق ليبراليا وتمشي في كنف ليبرالي حتى تكون ليبراليا، ولا يكفي أن تعادي الكل الوطني حتى تكون ليبراليا. وهذا لا يفهمه كثير من ليبراليين بالهواية والصدفة والمصلحة والتكييف.

 
تابعو الأردن 24 على google news