كتاب سمير الرفاعي "الأبيض".. والصراع مع الليبراليين
د. حسن البراري
جو 24 :
طال رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي النقد من قبل شريحتين في المجتمع الأردني: فهناك شريحة ترى بأن الرفاعي عندما كان رئيسا للوزراء استغل موقعه لصالح شركة دبي كابيتال لأنه تولى إدارتها قبل أي يصبح رئيسا للحكومة على اعتبار أنه يمتلك جزءا منها. والشريحة الثانية هي مجموعة من خصوم الرفاعي السياسيين وبخاصة الليبراليين الذين يعرفون حقيقة علاقة الرفاعي بدبي كابيتال ومع ذلك كانوا مصدرا رئيسا للإشاعات كما سأبين في هذه العجالة.
ومع أن سمير الرفاعي ليس الوحيد من بين رؤساء الحكومات الذين طالهم النقد والاتهامات، إلا أنه الوحيد الذي تصدى للإشاعات التي طالته، فقبل أيام قليلة أصدر كتابا جديدا حمل عنوان "شركة الأردن دبي كابيتال واستثماراتها في الأردن: حقائق وأرقام، ٢٠٠٥-٢٠٠٩" وفيه يضع الرفاعي جملة من الحقائق تتعلق بشركة دبي كابيتال عندما كان مديرا تنفيذيا لها بالأردن. يحتوي أكثر من نصف الكتاب على معلومات وجداول وملاحق تتعلق بشركة دبي كابيتال، بمعنى أن الكتاب يحتوي على تفاصيل دقيقة منذ نشأة الشركة وهذا بدوره يساعد على التعرف على قامت به الشركة منذ تأسيسها ومن هم المالكون والمساهمون.
في الكتاب يكشف سمير الرفاعي عن الظروف التي دفعت به إلى الطلب بالخروج من الديوان الملكي لأنه لم يكن يتفق مع البعض في الديوان بخصوص السياسات. ومع أنه لا يسهب في الخوض في هذه النقطة إلا أنه يمكن للقارئ أن يستنتج رؤية الرفاعي عما كان يقوم به التيار النيوليبرالي من ممارسات وتدخلات، فالرفاعي فضل ألا يكون جزءا من هذه المنظومة لأنه ينتمي إلى مدرسة سياسية مختلفة. وبالفعل أدى وصول هذا التيار إلى مفاصل صناعة القرار إلى تدهور الوضع الاقتصادي، فرموز هذا التيار كانوا مفصولين عن الشارع وكانوا يحسنون تنفيذ ما يأتيهم من واشنطن دون أن يلتفتوا إلى حقيقة أنهم يدمرون المجتمع، فهم مجموعة من الليبراليين غير الديمقراطيين والعرفيين وكانوا وراء تغييب البرلمان في عهد حكومة علي أبو الراغب، المفارقة أن أحد المتشدقين الليبراليين وقع على سبعين قانون مؤقت غير دستوري ويقدم نفسه الأن كمصلح ومنقذ!
بالنسبة لي كقارئ، لم أكن أعرف أن سمير الرفاعي هو من طلب من الملك اعفائه من منصبه، كما أنني تفاجأت بأن الرفاعي لا يملك سهما واحدا في شركة دبي كابيتال، وكل ما كان يشاع بأنه يمتلك جزءا منها كان مصدره التيار النيوليبرالي لأنه كان يرى بالرفاعي خصما قويا. هناك بعض القصص التي ينبغي أن يعرفها الرأي العام مثل طلب الرفاعي من شركة دبي كابيتال الانسحاب من العطاءات التي تقدمت اليها عندما كان هو رئيسا تنفيذيا للشركة درءا للشبهات ومنعا لتضارب المصالح. وبالفعل انسحبت الشركة من عطاء مزرعة رياح الكمشة.
كتاب سمير الرفاعي هو أول كتاب مرجعي لشركة دبي كابيتال، وهو كتاب يستند إلى لغة الأرقام والوثائق، وكل من يشكك بكلام الرفاعي عليه أن يقدم لنا أرقاما مختلفة ووثائق مختلفة. هذا ليس دفاعا عن الرفاعي لكن لأنني شعرت أن الليبراليين في الأردن كانوا يكيدون للرجل وهم لم يقدموا أي دليل سوى الاشاعات. فكتابه الجديد يمكن أن يطلق عليه الكتاب الأبيض لأنه كشف الكثير من التفاصيل بشأن نشأة الشركة وقصة تعيينه مديرا تنفيذيا منذ أن التقى محمد القرقاوي وسمير الانصاري من شركة دبي كابيتال.
قد نتفق أو نختلف مع سمير الرفاعي، وأنا شخصيا كنت أنتقد بعضا من سياساته عندما كان رئيسا للحكومة، لكني اعترف أنني تثقفت من قراءة الكتاب لأنه بين لي الكثير من التفاصيل بلغة الأرقام والوثائق وهي تفاصيل كانت تقدم بشكل مختلف من خصومه وبخاصة الليبراليين.