jo24_banner
jo24_banner

الاستقلال: مفهوم مركب جوهره التعليم

الدكتور محمود المسّاد
جو 24 :
 بداية كل عام والوطن الأردني وأهله بألف خيرونعمة وأمان
بالتأمل المتعمق تتبدى صورة الاستقلال كمفهوم مركب له عدة وجوه ومجالات: سياسية واقتصادية وفكرية ،تسهم معا بتشكيل حالة اجتماعية مجبولة بقيم الحرية والكرامة والفخر. وبالتدقيق بعين المتفحص نكتشف أن الحالة الاجتماعية كوجه لمفهوم الاستقلال تتم بفعل التعليم ، تبدأ كمظهر خارجي في البدايات وتتحول وتتبلور كحالة داخلية متأصلة راسخة بأفكار المتعلمين منذ الصغر لتوجه سلوكهم وأفعالهم عندما يكبرون وينخرطون في صياغة شكل الوطن ومستقبله.
ولشرح هذه الحالة الاجتماعية العاطفية التي تشكل الشرارة الأولى التي تشعل نور الاستقلال في نفوس المواطنين، فإنني أسوق مثل السجين الذي خرج من سجنه بعد طول معاناة وتعذيب وإهانات ليقف باب سجنة ويستنشق الهواء النظيف الممزوج بالحرية والشموخ والتحرر من الخوف. هذه الحالة الأولى تتحول وتتبلوربالتعايش مع المجتمع لتصبح أحد أمرين : أمّا أن يحمد المرء الله أنه خرج من السجن وانتقل من مرحلة الإهانة وتكميم الأفواه والعيش بالعذابات إلى مرحلة العيش بالكرامة والتقدير والتحرر من الخوف والزهو بالإنجاز والفخر به أمام الغير،او القول سرا وعلانية بأن العودة للسجن أشرف وأكثر حرية وأهدأ بالاّ.
إن التعليم الحر المستقل هو الوجه الناصع للاستقلال، والمتعلم المفكر الذي يتمتع بشخصية قوية :عقلية وعاطفية ونفسية واجتماعية هو حقيقة الاستقلال الناصعة التي تعكس كرامة الوطن وشموخه .وإن فحولة الوطن ورجولته وسيادته على مقدراته ومستوى تقديره لدى الغير تشكل معا العنوان الذي يؤشر به للوطن والعلامة التجارية التي تلتصق به كوطن للرجال الرجال المؤمنين بقيم الحرية والكرامة والتنوير...... ومن غير التعليم يستطيع فعل كل ذلك وصنعه وتقديمه للوطن جيلا بعد جيل ليزهر تقدما وازدهارا ونخوة.
لكن ........ولنكون صادقين مع الوطن وأهله أن التعليم كان على الطريق الصحيح وأنجز للوطن الكثير الكمي الذي دفعه ليتصدر المشهد العربي بنسب الالتحاق بالتعليم ذكورا وإناثا ،وبمستوى تأهيل المعلمين وتدريبهم ،وبتحقيق الإلزامية في التعليم حتى الصف العاشر، وتخفيض نسب التسرب والأمية الأبجدية حتى عام 2007 .ولكن التعليم بالأردن بدأ بالتراجع منذ عام 2011 وحتى الآن تراجعا مخيفا على الرغم من الإرادة السياسة الواضحة والأوراق النقاشية الملكية التي نادت ودعمت التقدم باتجاه التعليم النوعي وترجمته على أرض الميدان التربوي الحقيقي في المدرسة المؤسسة الأولى والأولى بالرعاية والاهتمام . وهذا التراجع سببه الإدارة التربوية والفساد في التعيينات على مستوى الوزراء وأقل من ذلك ، فكانوا صيدا سهلا لكل معطيات الاختراق الخارجية والداخلية ، وبالذات في التدريب والمناهج التي سلخت من الوزارة الأم في وضح النهار شكلا ومضمونا بحيث خسر معها الوطن المعلم وقدراته والمنهج ووسطيته وهويته الأردنية . وبالتالي أثر ذلك ويؤثر على وهج الاستقلال ومضامينه وقيمه .

 
تابعو الأردن 24 على google news