المناهج وما يمكث في الأرض
الدكتور محمود المسّاد
جو 24 :
طالعتنا إحدى الصحف اليومية بمقالة نارية تحت عنوان ( المعلمون والمناهج والذي يمكث في الأرض ) يدافع صاحبها عن قضية لم يطّلع على تفاصيلها، في الوقت الذي لم يعرف عن الكاتب أي اهتمام مسبق بها ، في محاولة منه للخوض في حوار بالوكالة . فهو يدخل في حوار دون قضية ودون سلاح ، والأهم من ذلك دون خصوم أو ربما يتخيل وهما هذه الخصومة. فالكاتب لا معرفة له إذن بالمناهج التعليمية، ولا بنقابة المعلمين، ولا بلجنة المناهج المشكّلة في النقابة ، بل يكتفي بمعرفتة بمن زودوه بهذه المعلومات وبوعدهم له بمكافأة قد لا تليق بهذا الجهد المعيق لتوعية الناس بما يحمي مستقبلهم وفكر أبنائهم .
تناولت المقالة موضوعات من مثل: تطوير المناهج ،والكتب المنتجة ،ولجنة المناهج المشكلة في نقابة المعلمين . وهي موضوعات لا ناقة له بها ولا جمل .. وعليه سأتناول في مداخلتي - موقفه من لجنة النقابة - التي أتشرف بعضويتها ، وبزمالة شخصيات تربوية رفيعة وطتية فيها ، أعتز ويعتز بهم جميعا الوطن .
وللتوضيح تشكّلت لجنة المناهج في نقابة المعلمين من ممثلي ثمانين ألف معلم ، ومن خبراء كانو معلمين . وتحددت أهدافها بتحليل مشروعات الكتب المدرسية وتقديم المقترحات لتطويرها لتكون بين يدي سعادة النقيب ، العضو في المجلس الأعلى للمناهج والعضو أيضا في مجلس التربية والتعليم المخولة بمراجعة هذه الكتب وإقرارها . وشاركت بهذه اللجنة إحساسا مني بأن هذه المجالس تضم في عضويتها شخصيات سياسية لا تملك الوقت الكافي لقراءة التفاصيل في المناهج والكتب المدرسية . لذلك فإن اللجنة ستقدم دعما فنيا مهنيا تربويا كبيرا تخدم به تعميق نوعية التعليم والتقليل من الأخطاء وإدماج ما تحدد مسبقا في وثيقة الإطار العام للمناهج الأردنية من جانب، وتخدم به الوطن ومستقبله وما يعوّل عليه من إزدهار ورفاهية لشعبه من جانب آخر ، إضافة إلى التخفيف عن أعضاء المجالس غير المهتمين والمنشغلين معظمهم بعشرات المجالس واللجان ذات الجدوى متعددة الوجوه غير التربية والتعليم عناء القراءة البحث .
إذن مهمة اللجنة مهنية تربوية وطنية . أمّا ما يدّعيه ظلما الكاتب الذي فضّل خدمة موكليه على الوقوف على الحقائق واستجلائها بالعبثية والتخريب والتدخل بما ليس لنا به فنترك الفصل به للشعب وأصحاب الضمائر الحية من أعضاء هذه المجالس والداعمين لهم ومؤيديهم ، مع أن الكاتب بالغ بالقدح والتفسير الاتهامي وخلط التربية بالسياسة والسمين بالغث،وخاصة التدخل بعمل النقابة وأنها وبحكم قانونها لا علاقة لها بالسياسات التعليمية والمناهج متناسيا أن النقابة أدرى بقانونها ، وأن الدولة التي يعتبر نفسه وكيلا عتها وضعت في تشريعاتها أن نقيب المعلمين عضو في المجلس الأعلى للمناهج وعضو في مجلس التربية والتعليم حيث من واجبه مناقشة السياسات التعليمية والمناهج .
ويعلم الكاتب أن المناهج وطنية ومجلسها وطني والحق كل الحق لأي مواطن في تقديم الرأي والمساهمة في تطويرها إن رغب بذلك ولديه الخبرة والتخصص، وأن من دعا وناضل لتأسيس هذا المركز -الوطني للمناهج - هو شخصية وطنية وعضو مقدّر باللجنة وهو بالتأكيد خبير في المجال وعلى صلة وثيقة بالمناهج والوطن ،وعلى الرغم من ذلك ترى أيها الكاتب أن هذه اللجنة -مخربة للوطن- .
لقد أصدرالمركز الوطني للمناهج يا عزيزي الكاتب كتابا واحدا حتى الآن هو كتاب العلوم للصف الأول ، وأنت بالتأكيد لا تعرف ذلك ولم تر الكتاب . وإلا لعرفت أنه كتاب يخلو من أي رائحة أو إشارة لقيم وطنية ولم يكيّف للوطن ولا به صورة حتى أو معلومة تمت إليه ،إضافة إلى أنه كتاب أجنبي ضعيف الترجمة إلى درجة الإخلال بالمفاهيم العلمية ، واعتذر عن الإسترسال بالملاحظات الفنية لأنك لا تعرفها ولست مهتما بها . ولكن بدلا من أن بستفز هذا غيرتك على الوطن لجأت إلى مدح دولة الرئيس للكتاب مع يقيني أنه لم ير الكتاب ولم يمتدحه . وعل أية حال دولة الرئيس يعرف أعضاء اللجنة ويثق بنواياهم ووطنيتهم .
أكرر لن أناقشك بمحتوى الكتاب لأنك غير مهتم به أو بالأبناء المستهدفين به ، بل أنت مهتم بالدفاع بالوكالة عن جهة تتخبط ، وسيكشفها المجتمع قريبا جدا عندما تصل هذه الكتب لأبنائه . ولكن أدعوك وغيرك أن تنظروا بمرآة ضمائركم لتكتشفوا أن هذه الوسامة تخفي خلفها صورا ليست وسيمة ، وعندها ستعرفون لو تاجرتم بهذه الوسامة في مجال آخر لكان المردود أكبر. واعلموا يقينا أن أبناؤنا يستحقون الأفضل .