jo24_banner
jo24_banner

في عيد العمال.. متى ينتصر الرئيس لعمال انتُهكت حقوقهم العمالية..؟

موسى الصبيحي
جو 24 : كتب موسى الصبيحي - يقول الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أيما عامل لي ظلم أحداً فبلغني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته).. أسوق هذه المقولة الرائعة بين يدي الحديث عن انتهاكات لحقوق عمالية حدثت ولا تزال تحدث على مرأى ومسمع من أعين الحكومة وأصحاب القرار، ولم يتم رفع الظلم عن أصحابها من العمال والمستخدمين، ومع الأسف، ليسوا مستخدمين في بلاد أخرى وإنما في مؤسسات رسمية وعامة ووزارات، وعندما يقول الملك بأن سيادة القانون على الجميع وتحقيق العدالة هي التي تحفظ هيبة الدولة، ويقول أكثر من رئيس حكومة أردنية بأن ضعف هيبة الدولة ناجم عن عدم تطبيق القانون، فلماذا إذن نجد مسؤولين رسميين يضربون القانون والعدالة بعرض الحائط..؟!!

سؤآل نوجهه مباشرة لدولة رئيس الوزراء الذي بالأمس سمعناه يتحدث من الكرك بصدق عن العدل والنزاهة، فكيف يسمح بأن يخالف مسؤولون على رأس دوائر رسمية ووزارات القوانين، ويتفننون في في تبرير مخالفاتهم وانتهاكاتهم لحقوق الآخرين، وأحياناً الالتفاف على القانون والتهرب من تطبيقه، وحتى لا أُتّهم بالتجني والعمومية، أضرب مثالاً على ذلك بالمؤسسة الاستهلاكية المدنية، التي اتخذت قراراً مخالفاً للقانون عن سبق إصرار وتعمّد، بقرارها تطبيق الحد الأدنى الجديد للأجور البالغ (190) ديناراً، على عمال المياومة من مستخدمي التحميل والتنزيل في أسواق المؤسسة اعتباراً من 1/6/2012، مخالفة بذلك قرار اللجنة الثلاثية لشؤون العمل التي أناط بها قانون العمل مهمة تحديد الحد الأدنى للأجور وقرار الحكومة بتحديد تاريخ سريان الحد الأدنى الجديد للأجور اعتباراً من 1/2/2012.. وقد استمرت المؤسسة الاستهلاكية المدنية بمخالفة القانون لأربعة أشهر حيث تواصل العمل بالأجر البالغ 140 ديناراً فقط، وهو أقل من الحد الأدنى السابق البالغ 150 ديناراً، لعمال المياومة في المؤسسة للأشهر من شباط وحتى نهاية أيار، فيما حقهم أن يتقاضوْا ألـ (190) ديناراً من بداية شباط 2012، إضافة إلى حقهم بفروقات الأجر عن الحد الأدنى السابق للأجور ..!!

عمال وعاملات المياومة في أسواق المؤسسة الاستهلاكية المدنية، وجميعهم أردنيون وأردنيات، يعملون لمدة ستة أيام في الأسبوع بمعدل ثماني ساعات يومياً، وبأجرة يومية زهيدة تبلغ ستة دنانير وثلاثين قرشاً، فيما لا نجد عاملاً وافداً يقبل بأقل من ضعفي هذه الأجرة يومياً باستثناء العمالة السورية الوافدة التي بدأت تكتسح أسواقنا ومطامعنا ومدارسنا بأقل الأجور..!!

لقد أحاق بعمال وعاملات المياومة في المؤسسة الاستهلاكية المدنية ظُلماً كبيراً وهُضمت حقوقهم بتجاوزات رسمية وبعدم تطبيق القانون عليهم، ولم يقف الحد في مخالفة القانون وابتسار حقوقهم عند موضوع الحد الأدنى للأجر، بل لا تزال المؤسسة لا تعترف بحقهم في الإجازات السنوية والعطل الرسمية، حيث يتم حسم أجرة اليوم الذي يتغيبون فيه عن العمل "إجازة"، ولا يتم محاسبتهم إلاّ عن الأيام الفعلية التي يعملونها، مما يجردهم من حقهم في الإجازة السنوية، والإجازة المرضية اللتين نص عليهما قانون العمل، حيث تنص المادة 61 من القانون على أن لكل عامل الحق بإجازة سنوية بأجر كامل لمدة (14) يوماً.. كما تنص المادة 65 من قانون العمل على حق كل عامل في إجازة مرضية مدفوعة الأجر لمدة (14) يوماً.. إضافة وهو الأهم إلى حق العاملة في الحصول على إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة (70) يوماً، حيث لا تزال عاملات المياومة في معظم مؤسساتنا العامة محرومات من هذا الحق..!!

وهناك أمثلة كثيرة على التعدى على حقوق العاملين والانتقاص منها وإلحاق الظلم بأصحابها منها المعلمات والعاملات في مجال محو الأمية التابعة لوزارة التربية والتعليم، فلا تزال هؤلاء المعلمات ومنهن عدد كبير متفرغات لهذا العمل يتقاضين أجوراً زهيدة تتراوح ما بين 90- 110 دنانير شهرياً، فيما من المخجل أن تتقاضى الآذنة العاملة في مراكز محو الأمية 10 دنانير شهرياً..!!!

وليس بعيداً عن هذا الأئمة والوعّاظ وخدم المساجد المعيّنون على على نظام المكافأة وفقاً لقانون الموازنة العامة، والذين لا تزال مكافآتهم الشهرية زهيدة لا تكاد توفر لهم الحدود الدنيا للعيش الكريم، كما أنهم محرومون من حقوقهم العمالية كحقهم في التقاعد والتأمينات الاجتماعية والصحية والتثبيت على ملاك وزارة الأوقاف والإجازات المدفوعة وغيرها..!!

ويعمل في مجلس الأمة حوالي 400 موظف على نظام المكافأة ولا زالوا محرومين من حقهم في التثبيت وشمولهم بالضمان الاجتماعي بأثر رجعي من تاريخ التحاق كل منهم بالعمل..!!

وفي إحدى الوزارات رأينا كيف يتم حرمان مستخدمين أردنيين من حقهم في التأمين الصحي والضمان الاجتماعي واشتراط موافقتهم على هذا الحرمان في عقود استخدامهم الموقّعة من وزراء مباشرة..!! ورأينا في وزارات ودوائر رسمية أخرى كيف يتم التعدي على حق العامل والمستخدم في إطار التعيينات على نظام المكافأة وشراء الخدمات وغيرها..

وإذْ تزخر التشريعات الأردنية وبخاصة قانون العمل بالعديد من الحقوق والمزايا التي حرص المشرّع على إدراجها ضمن تشريعات ملزمة تصون كرامة الإنسان العامل وتحافظ على مكانته في المجتمع، وتوفر له الحياة الكريمة والمعيشة اللائقة وبيئة العمل المناسبة، لكي يُنتج بكفاءة وبجودة، إلاّ أن المشكلة تبرز في أن بعض المسؤولين في القطاعين العام والخاص يصرّون على التعدي على هذه الحقوق، والافتئات على العامل وفي كثير من الأحيان هضم لحقوقه بصورة خارجة على القانون والعرف والخلق والإنسانية، وتترك آثاراً سلبية كبيرة على العامل وأسرته وبالتالي على المجتمع..!

نقول للحكومة الموقرة بأن الحماية الاجتماعية تبدأ من صون الحقوق العمالية وإعطاء حق العامل كاملاً غير منقوص، وهي بداية الطريق لخارطة طريق واضحة المعالم للحماية التي نريد، فيما يكمن دور العامل في أن يعمل بجد وإخلاص ويُنتج.. وكل عام وعمال الأردن بألف خير، وبارك الله في اليد العاملة، فكما قال الرسول الكريم عليه السلام: ( لأنْ يأخذ أحدكم حبلة فيحتطب على ظهره خير من أن يأتي رجلاً أعطاه الله من فضله فيسأله، أعطاه أو منعه).
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير