خيار المواجهة العسكرية الامريكية-الايرانية بعيد
مأمون المساد
جو 24 :
من جديد تعود سياسة الولي الفقيه نحو العبث في أمن الاقليم والأمن الاقتصادي العالمي، في اختبار مباشر لخصمها الولايات المتحدة الأمريكية التي هددت وتوعدت كل من يعبث بأمن الخليج وامن الإمدادات النفطية من المنطقة الرئيسة الأولى للطاقة في العالم، في سلسلة تخريبية مباشرة نحو ناقلات النفط ومحطات ضخ في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وخليج العرب.
الإيرانيون يشعرون يومياً بحجم العقوبات الأمريكية بخسارة قيمة مدخراتهم، وبارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والأدوية والسلع الاستهلاكية ارتفاعاً خيالياً، وتذهب سياستهم الى ممارسة مثل هذه الأعمال الإرهابية والعدوانية دون تبنيها بشكل رسمي للضغط ولفت الأنظار إلى رغبة في عروض الوساطة أو مراجعة العقوبات ،في خط مواز يتمثل في الرهان وشراء الوقت مع الادارة الامريكية وانتهاء ولاية ترامب في العام ٢٠٢٠.
ولعل خيار المواجهة المباشرة ما بين طهران وواشنطن خيار مطروح ، ولكنه ليس بالمستقبل القريب في ظل حاجة حاجة إدارة ترامب إلى موافقة الكونغرس الأمريكي لتوجيه ضربات لأهداف ايرانية ،وهو أمر يحتاج ان تخوض به الادارة الامريكية سلسلة من التفاهمات لإقناع الكونغرس من جدوى دخول هذه الحرب وإرسال جنود وأسلحة إلى المنطقة ،اما السبب الثاني في المواجهة المباشرة فإن سباق الرئاسة الأمريكية على بعد أشهر قليلة وبالتالي فإن ذلك سيؤدي إلى التأثير على الحملة الانتخابية لإدارة ترامب ومستوى شعبيته التي تقارب على مستوى ٤٥%حسب استطلاع غالوب الذي نشر في أيار/مايو الماضي، والسبب الثالث هناك قناعات لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بقدر قناعته بقدرة واشنطن تحقيق انتصارات لسياساتها بعيدا عن المواجهة العسكرية وهو يخالف بذلك مستشاره جون بولتن ،وقد صرح بذلك أكثر من مرة.
وبنظرة سريعة على العالم والقوى العظمى من الصراع الأمريكي الايراني نجد أن مصالح الاتحاد الأوروبي والصين متضررة من الصراع المباشر ؛المخاطر الاقتصادية الناجمة عن اندلاع حرب هي آخر ما تريده أوروبا ،خصوصًا مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومع تضخُّم الديون الإيطالية، وانعكاسات المعركة التجارية حول تعريفة السيارات الأمريكية على نمو منطقة اليورو،اما الصين ربما تستفيد من بعض الفوائد الاستراتيجية لاشتعال حرب بين الولايات المتحدة وإيران، لكن الصين بصفتها من أكبر مستوردي الطاقة، فسوف تصبح أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية؛ بسبب اضطراب نقل الطاقة في الشرق الأوسط ،كما أنها تنظر من نافذة ضيقة للعودة إلى طاولة التفاوض أو مواجهة رسوم جمركية على جميع السلع الصينية التي تدخل الولايات المتحدة، بالنسبة لروسيا فإن سياستها تحقيق المكاسب من أي تحالفات أو أزمات وبالتالي ربما ستقف مؤقتا عن ان تقف إلى جانب طهران الحليف ،قبل أن تدخل من بوابة تعزيز الدفاعات الجوية الإيرانية وربما إرسال كوادر عسكرية وفنيين نوويين إلى المنشآت الإيرانية فهي لعبة روسية مجربة؛ لرفع تكلفة العمل العسكري الأمريكي، إن تم، أو رفع سقف المفاوضات مع واشنطن على أيّة حال.
إذن ليس هناك من منطق يدفع إدارة ترامب اليوم لمواجهة عسكرية مباشرة مع إيران ،وقد تكون خيارات تشديد العقوبات الاقتصادية ضدها وضد كل من يتعامل معها السبيل الأقرب ،وهذا قد يحقق لها هدف غير مباشر بمزيد من الضغوط الشعبية والداخلية نحو إسقاط النظام الإيراني.
** كاتب ومحلل في الشؤون الايرانية