هل ناصر جودة لاعب في المطبخ السياسي؟!
د. حسن البراري
جو 24 : بعيدا عن النقد الذي وجهه البعض من المراقبين لأداء وزير الخارجية ناصر جودة في لقاءه مع نظيره الإيراني علي أكبر صالحي، فإن التباين المفاجيء في الموقف الاردني وفي ملف السياسة الخارجية على وجه التحديد يطرح سؤالا يتعلق بالسيد جودة ودوره، فهل هو بالفعل مجرد ناقل رسائل للملك أم شريك في صنع السياسة الخارجية؟ وهل يسمح الملك لأي كان أن ينازعه دور صناعة السياسة الخارجية التي بقيت ملفا احتكرة القصر على مر العقود؟
ففي وقت ركز فيه الملك على رؤية حكيمة للوضع السوري تهدف الى خلق ارضيات مشتركة تسهم بحل في سوريا يخدم المصالح الأردنية التي ستضرر كثيرا إذا ما انزلقت سوريا إلى حرب أهلية طاحنة تطال السنة لهبها الدول المجاورة وعلى رأسها الأردن فقد ركز ناصر جودة على الخلافات مع ايران وعبر عن قلق ومخاوف خليجية أكثر من الخليجيين أنفسهم. صحيح ان هناك تباعدا في مواقف ايران والاردن في كل الملفات الاقليمية وليست سوريا فقط لكن زيارة الوزير الإيراني كان يجب اخذها على محمل الجد لأن إيران لاعب مؤثر في مآلات الوضع السوري.
اللقاء مع الملك كان مختلفا وقد تم في اجواء تعكس حرصا ملكيا لعدم استعداء إيران وبخاصة أن الاردن غير مضطر لاعلان موقف واضح حيال الملفات العالقة وأن اوضح الاردن ان الواقعية كان يجب ان تقود حليف طهران في سوريا لأن يسلك طرقا أخرى معروفة يتحدث عنها المجتمع الدولي. لا يمكن ان ينظر إلى التباين بين ما قاله ناصر جودة وما قاله الملك عبدالله الثاني في سياق لعبة تقاسم ادوار، فالنظام الارني لا يسمح بلعبة من هذا النوع إذ بقي القصر الملكي هو من يضبط عقد السياسة الخارجية. لذلك يمكن الحديث عن ثلاثة تفسيرات لموقف جودة:
أولا، جودة الذي يقول عنه مقربون منه بأنه يحفظ السياسة الخارجية الاردنية عن ظهر قلب لا يمكن أن لا يعرف كيف يخاطب وزيرا بحجم وزير خارجية ايران، لكنه تعمد ذلك اعتقادا منه ان موقفه سيعجب الاميركان. فناصر جودة وإن لم يخالف المباديء العامة التي ترتكز عليها الخارجية الاردنية إلا ان دفاعه عن الخليج وكأنه عمان أو الكرك او السلط لأمر يدفع المرء على التفكير مليا بأجندات ورؤى الرجل الخاصة.
ثانيا، أن ناصر جودة قام بذلك بالتنسيق مع مرجعيات عليا في سياق تقاسم الادوار حتى يخلق هامش مناورة لتوظيفه في قادم الايام بما يحقق المصالح الاردنية، وهذا السيناريو مستبعد لأنه لم يكن ولا في يوم من الايام تقليدا في السياسة الخارجية الاردنية ولأن وزير الخارجية لا يصنع السياسة الخارجية بل ينقلها.
ثالثا، أن يكون ناصر جودة على عكس ما يقول عنه المقربون منه، ويمكن أن يكون وزير خارجية عادي من طراز من سبقه وهو بالتالي ليس عضوا في مطبخ القرار ولم يكن على علم بما يريده الاردن من زيارة على أكبر صالحي ولهذا تصرف الرجل من وحي فهمه لماهية مصالح الاردن!
على كل وبعيدا عما اراد ان يوصله ناصر جودة فقد تمكن الوزير الايراني من شرح موقف بلاده بوضوح ونقل الرسائل المشفرة التي علينا في الاردن اخذها على محمل الجد حتى لا نقع في شرك ليس من صنع ايدينا. وربما هنا تذكير لجميع الوزراء وهي ان شرعية اي وزير أو رافعة اي وزير يجب ان تكون محلية بعيدا عن واشنطن والاعيبها.
ففي وقت ركز فيه الملك على رؤية حكيمة للوضع السوري تهدف الى خلق ارضيات مشتركة تسهم بحل في سوريا يخدم المصالح الأردنية التي ستضرر كثيرا إذا ما انزلقت سوريا إلى حرب أهلية طاحنة تطال السنة لهبها الدول المجاورة وعلى رأسها الأردن فقد ركز ناصر جودة على الخلافات مع ايران وعبر عن قلق ومخاوف خليجية أكثر من الخليجيين أنفسهم. صحيح ان هناك تباعدا في مواقف ايران والاردن في كل الملفات الاقليمية وليست سوريا فقط لكن زيارة الوزير الإيراني كان يجب اخذها على محمل الجد لأن إيران لاعب مؤثر في مآلات الوضع السوري.
اللقاء مع الملك كان مختلفا وقد تم في اجواء تعكس حرصا ملكيا لعدم استعداء إيران وبخاصة أن الاردن غير مضطر لاعلان موقف واضح حيال الملفات العالقة وأن اوضح الاردن ان الواقعية كان يجب ان تقود حليف طهران في سوريا لأن يسلك طرقا أخرى معروفة يتحدث عنها المجتمع الدولي. لا يمكن ان ينظر إلى التباين بين ما قاله ناصر جودة وما قاله الملك عبدالله الثاني في سياق لعبة تقاسم ادوار، فالنظام الارني لا يسمح بلعبة من هذا النوع إذ بقي القصر الملكي هو من يضبط عقد السياسة الخارجية. لذلك يمكن الحديث عن ثلاثة تفسيرات لموقف جودة:
أولا، جودة الذي يقول عنه مقربون منه بأنه يحفظ السياسة الخارجية الاردنية عن ظهر قلب لا يمكن أن لا يعرف كيف يخاطب وزيرا بحجم وزير خارجية ايران، لكنه تعمد ذلك اعتقادا منه ان موقفه سيعجب الاميركان. فناصر جودة وإن لم يخالف المباديء العامة التي ترتكز عليها الخارجية الاردنية إلا ان دفاعه عن الخليج وكأنه عمان أو الكرك او السلط لأمر يدفع المرء على التفكير مليا بأجندات ورؤى الرجل الخاصة.
ثانيا، أن ناصر جودة قام بذلك بالتنسيق مع مرجعيات عليا في سياق تقاسم الادوار حتى يخلق هامش مناورة لتوظيفه في قادم الايام بما يحقق المصالح الاردنية، وهذا السيناريو مستبعد لأنه لم يكن ولا في يوم من الايام تقليدا في السياسة الخارجية الاردنية ولأن وزير الخارجية لا يصنع السياسة الخارجية بل ينقلها.
ثالثا، أن يكون ناصر جودة على عكس ما يقول عنه المقربون منه، ويمكن أن يكون وزير خارجية عادي من طراز من سبقه وهو بالتالي ليس عضوا في مطبخ القرار ولم يكن على علم بما يريده الاردن من زيارة على أكبر صالحي ولهذا تصرف الرجل من وحي فهمه لماهية مصالح الاردن!
على كل وبعيدا عما اراد ان يوصله ناصر جودة فقد تمكن الوزير الايراني من شرح موقف بلاده بوضوح ونقل الرسائل المشفرة التي علينا في الاردن اخذها على محمل الجد حتى لا نقع في شرك ليس من صنع ايدينا. وربما هنا تذكير لجميع الوزراء وهي ان شرعية اي وزير أو رافعة اي وزير يجب ان تكون محلية بعيدا عن واشنطن والاعيبها.