jo24_banner
jo24_banner

خطوات إماراتيةجريئة نحو إيران : مصالحة وسلام .. ولكن بحذر

د.لؤي بواعنة
جو 24 :
مرت الأزمة اليمنية بعد حالة العنف التي شهدتها بمراحل مفصلية مهمة، بدء بالمبادرة الخليجية عام ٢٠١١،ومخرجات الحوار الوطني عام ٢٠١٤،مرورا بتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات بطلب من الشرعيةضد الانقلابين عام ٢٠١٥،ومع ذلك فقد شهدت انقسامات عديدة وتعقيدات عديدة لاختلافات الاستراتيجيات وتضارب المصالح بين البلدين وتعدد الولاء، وظهور بوادر للتقسيم، وتعاظم الدور العسكري للحوثيين الذين يحاربون بالوكالة عن إيران، وما شهدناه مؤخرا من تعدد لأساليبها في فن المعركة ضد دول التحالف من خلال الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية القادرة على تهديد الأمن الوطني السعودي وضرب العمق السعودي،وبرز واضحا على الأرض.

تفاجأ الجميع في تموز الحالي بانسحاب عسكري إماراتي من الساحة اليمنية ولو بشكله الجزئي وليس بشكله الكامل - مع وجود رأي انها إعادة انتشار ليس إلا - ولكن ما يهمنا من ذلك كله، ما هي دواعي ذلك القرار وموجباته وأسبابه؟ وهل مرتبطة بعوامل سياسية ام عسكرية أم مادية أم مصلحية استراتيجية؟ ما هي آثار ذلك الانسحاب على الساحة اليمنية وصراع أطرافها الداخلية بشقية الشمالي والجنوبي، لوجود ولاءات لبعض دول التحالف؟ ما هي آثار ونتائج وعلاقة ذلك الإنسحاب او الانتشار على دول الإقليم وبالاخص مع العربية السعودية، والجمهورية الإيرانية؟ هل كان الانسحاب تكتيكيا وبعلم السعودية ام دون علمها ومعارضة منها؟ وهل سيقود ذلك لاسمح الله لخلافات مع السعودية؟ او سيوثر عليها على الأرض باحداث فراغ في بعض المدن اليمنيةممايسبب زيادة في التكلفة المادية والعبئ العسكري على السعودية على الأرض ؟ وهل سيسهم في أضعاف التحالف العربي، وسيزيد من النفوذ الإيراني سياسيا وعسكريا في اليمن والإقليم ومياه الخليج بعامه؟ وهل سيشكل هذا الإنسحاب أو الانتشار مرحلة تمهيديه لمرحلة لاحقة تتمثل بالتصالح مع إيران؟ وهل ستكون تلك المصالحة متكافئة ام درءا للخطر والشر الإيراني وتجنب خطره القائم فقط، لادراك خطره وتفاقمه وهل ستبحث مسألة الجزر الاماراتية و مستقبلها لاحقا أم سيكون سلاما مرحليا؟ والسؤال الاكثر خطورة وصعوبة وحيرة ، هل سيمهد هذا التصالح لسير السعودية على تلك الخطى الاماراتية الجريئة درءا للخطر الإيراني وحفاظا على أمن الخليج مع تفاهمات وتسويات سياسية بشأن المنطقة ومنها اليمن وسوريا؟ أم أن السلام مع إيران أمرا مستحيلا... ويتنافى مع الاستراتيجية الأمريكية حتى وان كان خيارا استراتيجا محتملا ومقبولا للدول العربية ؟

تتعدد وتتراوح الدوافع والتكهنات السياسية وراء هذا الإنسحاب، فبعضهم ردها لزيادة حدة الصراع الأمريكي الإيراني في مياه الخليج ومضيق هرمز وتازم الوضع هناك نتيجة مسألة احتجاز ناقلات النفط. مما يعني زيادة التوتر والتخوف من ردة فعل إيرانية تصل لحد القيام بضرب دول الجوار ومنها الإمارات كما يفعل الحوثيين مع العربية السعودية. لقد تدارك الإماراتيون بشجاعةوفطنة الوضع القائم ورأوا فيه تهديدا وخطرا على الأمن الوطني الإماراتي بحكم الجوار والقرب وأنهم طرف في الصراع القائم . وقد يكون مرد هذا الإنسحاب لعدم جدوى الحرب في اليمن من وجهة نظرهم، فهي حرب طويلة الأمد ومكلفة وميؤوس منها إلى حد ما، حتى يمكن التكهن بالقول انهم تورطوا فيها، فظنوا أنهامسالة وقت، وحسمها أمرا سهلا، فأصبح الانسحاب أفضل من الاستمرار فيه.(وهذا عين العقل). يضاف لذلك تعقد المشهد وتشابكه على المستوى الداخلي والخارجي وباتت عملية المحافظة على تحقيق مصالحها أمرا صعبا إلى حد ما، لوجود تضارب مع دول أخر ى، مما جعلها تسعى لتغيير استراتيجيتها التي عبرت عنا بالتوجه نحو السلام، وهذا شيء إيجابي ونشجع عليه للوهلة الأولى، لكنه يحمل في طياته محاذير عدة يجب على صانع القرار السياسي أخذها بعين الاعتبار، ونجملها بنقطتين اثنتين : أولاهما حقيقة أهداف إيران ومخططاتها التوسعية وايدلوجيتها التي تقوم عليها في المنطقة . وثانيهما عدم اغفال الجزر الاماراتية الثلاث عند وجود تفاهمات بمراحلها النهائية بين البلدين،ومحاولة الزج والاثارة مسأله الجزر بأية حوار بين البلدين والتأكيد على أنها أرض عربية محتلة، وايران بنظامها السياسي الحالي لا يجب التعامل معه إلا بلغة الندية والقوة. لا بلغة درء الخطر وكف شرورها فقط.وما ذلك كله إلا من باب الحب والحرص على شقيقتنا دولة الإمارات التي نحترمها ونثمن العلاقات المتينة معها.

هذا وقد تواترت مؤخرا أخبار وتقارير حيال التقارب الإيراني الإماراتي، واكدها البلدان والتي تضمنت زيارات وتفاهمات أمنية بهدف تعزيز العلاقات بينهما وضمان أمن مياه الخليج، وتعزيز التعاون الأمني على الحدود. وقد اعتبرت تلك التفاهمات خطوة إيجابية لخدمة مصلحة البلدين على حد تعبير الوفد الإماراتي. وهذا يمثل تحول هام في السياسة الإماراتية حيال الوضع الملتهب في المنطقة والازمات العالقة، وماذلك إلا إقرارا ويقينا منها أن التقارب والتفاهم افضل واجدى سياسيا بكثير من المنافسة والحرب مع دولة إقليمية أصبحت قادرة على فرض نفسها في مضيق هرمز، بل خطوات إماراتيةجريئة نحو إيران : مصالحة وسلام .. ولكن بحذر
أكاديمي/ جامعة البلقاء التطبيقية



تابعو الأردن 24 على google news