حقوق الإنسان.. ورقة التوت المهترئة لعورة الأمم المتحدة
جو 24 :
تامر خورما -
الأمنية الأخيرة للشهيد سامي أبو دياك كانت أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في أحضان والدته، بعد أن نهش الأسر والسرطان في جسده، وليس في زنزانة حقيرة لا يخرج منها إلاّ لمقبرة الأرقام!
هل كان هذا كثير؟! ألا يحقّ للفلسطينيّ الذي سلبت منه حياته وأرضه ومستقبله أن يختار -على الأقل- الموت خارج جدران الزنازين؟! أم أن "حقوق الإنسان" تشترط لون البشرة، ونوع الجينات الوراثيّة، حتّى تكون مصانة في أعراف ما يسمّى بالشرعيّة الدوليّة؟!
متى وكيف ومن أين استمدّ هذا العهر الدولي "شرعيّته" المزعومة، بعد أن خلق دولة عنصريّة إرهابيّة من عدميّة تلموديّة متصهينة؟ وبأيّ وجه قبح يطلّ العالم على المشهد الفلسطيني، حين يتشدّق ساسة الغرب بكذبة "حقوق الإنسان"؟!
إذا كان هناك ما يستحق تسميته بالخطيئة الكبرى، فلا يوجد ما هو أكثر جدارة من مصطلح "الشرعية الدولية".
تلك الخطيئة التي كشفت عورات دعاة "التقدم" و"الحضارة" لا تقل عنها بشاعة المنظمات الدولية التي تدعي أن غاية وجودها هو الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها.. ابتداء من الصليب الأحمر الذي ينحني متقزما أمام انتهاكات الإرهاب الصهيوني، مرورا بمنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، بل وكافة المنظمات التي تخفي أجندتها السياسية خلف قناع هذه الكذبة الحقوقية، وليس انتهاء بالمفوضة السامية لحقوق الإنسان، التي تلعب دور ورقة التوت المهترئة لعورة الأمم المتحدة.
"عين الحقيقة" استهدفها الإحتلال الصهيوني بالرصاص، لتصبح عدسة المصور الصحفي معاذ عمارنة مرآة تعري وجه هذا العالم الهمجي، الشريك الأخرس في جريمة النكبة المستمرة.. والمنظمات الحقوقية الدولية، وحتى المحلية، مشغولة بحملاتها الإلكترونية، التي تتناول جزئيات محددة، لغايات ادعاء الترويج لحقوق الإنسان!!
"نضالات" جانبية متفرقة ومجزأة، تارة بقناع حقوق المرأة، وتارة أخرى تحت ستار البيئة، وتارة تحت عنوان حماية الأقليات.. وغير ذلك من عناوين جاذبة، تتصدى المنظمات الحقوقية تحت رايتها لادعاء دوافع إنسانية تهدف للتغيير.. ماذا عن الصورة العامة يا سادة؟ هذه الصورة المشوهة التي تعكسها المنظومة الإستعمارية الرجعية لعالمنا، حيث تضطهد النساء والأطفال والشيوخ بل حتى الطير والشجر، برعاية دولية تبرر الإجرام، وتدعي حماية المستضعفين، والفئات المهمشة في ذات الوقت!!
أليس للفلسطيني وغيره من الشعوب المضطهدة مكان في قواميس تلك المنظمات "الإنسانية"؟! أليس للأسيرات والأسرى في سجون الرعب والموت نصيب من هذه الحملات الحقوقية؟!
الكوارث البيئية، واضطهاد الأكثرية -قبل تهميش الأقليات- والجرائم الوحشية الهمجية، وسرقة المستقبل من عيون الأطفال، وكل تلك الخطايا المهلكة، هي نتاج نظام عالمي متعفن -حتى الشيطان بريء منه- يستمد "شرعيته" المزعومة من الإستعمار والإستغال الطبقي وحماقة اعتقاد تفوق عرق ما على سائر البشر.. ونحن لن تحررنا معارك جانبية ما دمنا عاجزين عن تحقيق حلم أسير مناضل ضد الظلام بالوفاة في أحضان أمه!