هل تبرّر فرص البطالة المقنّعة أداء وزارة العمل؟!
جو 24 :
تامر خورما - خلال اجتماعه الأخير بلجنة العمل النيابية، قال وزير العمل، نضال البطاينة، إن نحو 7 آلاف شخص تركوا العمل من بين 30 ألف فرصة وفرتها الوزارة.
رسالتان يحاول البطاينة تمريرهما عبر هذه التصريحات: أوّلا أن وزارة العمل تحقّق المستحيل من الإنجازات رغم تدهور الأوضاع الإقتصاديّة، بتوفير آلاف فرص العمل، بل وعشرات الآلاف من الفرص التي دأب الوزير على ذكرها في أكثر من مناسبة.
أمّا الرسالة الثانية فمفادها أن المتعطّلين عن العمل "بطرانين"، واحتجاجاتهم ليست إلاّ ترفا، ولا تعبّر عن حاجة ماسّة يفرضها بؤس الواقع بإلحاح، "بدليل" تركهم لوظائف تمّ توفيرها لهم.
بالنسبة للمسألة الأولى، فسيكون جميلا لو أخبرنا معالي الوزير كيف ومتى، ووفقا لأيّة وصفة سحريّة، نجحت وزارة العمل في خلق عشرات آلاف الفرص من عدم؟! فهل تمّ تبنّي مشاريع إنتاجيّة جديدة، ضمن رؤية وخطط وبرامج الوزارة، لاحتواء جيش المتعطلين عن العمل، ونقلهم من هامش البطالة إلى واقع الإنتاج الفعلي؟!
قد يكون هذا ما حدث في دولة ما، ولكن لم ترد أيّة معلومة حول حدوث شي من هذا القبيل في الأردن، علّى الأقلّ الأردن الذي يعرفه الناس جيّدا، ويعيشون كافّة تفاصيله اليوميّة.
الوزارة قامت بدور تنسيقي محدود، عبر إلزام بعض المؤسّسات الخدماتيّة والإنتاجيّة بالإعلان عن الشواغر المتوافرة لديها من خلال الوزارة.. هذا جميل، ولكنّه لا يتجاوز الدور التنسيقي الذي لا يمكّن من القول قطعا إن الوزارة قامت بتوفير فرص عمل، لم تكن موجودة من الأصل.
كما أن هذا التنسيق محدود للغاية، والشركات غير ملزمة بتوظيف الموارد البشريّة فقط من خلال وزارة العمل، ومازالت العلاقات العامّة و"المعارف" هي مفتاح بوّابة فرص العمل الحقيقيّة، التي لا تقتصر رواتبها على الحدّ الأدنى للأجور، المتمثّل بحفنة دنانير بالكاد تغطّي كلفة المواصلات، وسداد بعض الفواتير.
أمّا بالنسبة للمسألة الثانيّة، والاتّهام المبطّن للمطالبين بفرص عمل لائق يضمن لهم حياة كريمة، بأنّهم "مترفين" و"متكبّرين" على الفرص التي "تمنحها" الوزارة بكرمها الحاتميّ، فسيكون من الجميل المبدع حقّا أن يطلعنا الرسميّون على أسماء أبناء وأقارب المتنفّذين، الذين يعملون في وظائف تحت سقف الحدّ الأدنى للأجور.
ليس من المطلوب أن تلعب وزارة العمل دور منح جوائز "الترضية"، ومحاولة إخماد حراك هنا أو إحتجاج هناك، عبر التنسيق لتوفير فرص عمل لا تخرج عن نطاق البطالة المقنّعة، وتقديمها على طبق المنّة لعدد من النشطاء.. لا يعتقد أحد أن وزارة عمل في أيّة دولة على هذا الكوكب قد خلقت تحديدا لهذه الغاية.
شعار المتعطّلين عن العمل الذين اعتصموا في أكثر من مكان، والذين لم يشاركوا أيضا في أيّة فعاليّة احتجاجيّة، هو ببساطة مكافحة البطالة. هذا الشعار لا يمكن لأيّة مقاربة من الارتقاء إلى درجة تمكّن من التعامل الإيجابيّ معه بعيدا عن خطط وبرامج عمل حقيقيّة، في إطار رؤية متكاملة للحلّ، يكون فيها لوزارة العمل الدور الحاسم.
الوزير تحدّث في مناسبات مختلفة حول وجود مثل هذه الطرح على أجندة وزارته، فهلاّ أطلعنا على ملامح برامجه وخططه لمكافحة البطالة، عوضا عن الإكتفاء بذكر أرقام حول توفير فرص عمل، في سياق تبرير الأداء عبر استثمار البطالة المقنّعة؟!