لا لرفع الحد الأدنى للأجور!
الحكومة على لسان وزير العمل نضال البطاينة قالت انها سترفع الحد للاجور. في غبة الحديث عن الاجور في البلاد، والتصعيد القطاعي بتحسين الاجور ورفعها من المهندسين الى الاطباء والبيطيرين والمتقاعدين على شتى الاصناف مدنيين وعسكريين.
الدعوة والتوجه الحكومي لرفع الحد الادنى للاجور من واجب القول أن تخضع لمزيد من التروي والتأني والمراجعة الدقيقة والمستفيضة لان انعكاسها سيكون وخيما على الاقتصاد الاردني، وكثير من القطاعات الاقتصادية المتعثرة والتي تشكو من ارتفاع الكلف وركود الاسواق وحالة غير مسبوقة من التضخم العام.
الحد الادنى للاجور عدو الاستثمار. وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والعسيرة فان التبعات الناجمة عن القرار ستكون وخيمة. بحسب احصاءات فان 70 % واكثر من الشريحة العمالية المستفيدة من اي قرار لرفع الحد الادنى للاجور هم عمال وافدون. وما سيحمل من ارتفاع اضافي على كلف الانتاج والتشعيل.
الاجر في الاردن بحاجة الى مراجعة بنيوية اجتماعيا ومعيشيا واقتصاديا. فالاجر اجتماعيا هو المحرك الطبقي. من الفقر الى الفقر المدقع الى الطبقة الوسطى.
وما يتقاضاه الموظف من راتب شهري في كل بلدان العالم يخضع الى وجهة نظر اجتماعية واقتصادية. فالاجر اجتماعيا من الوجوب ان يلامس تلبية متطلبات العيش الاساسية، الأكل والشرب والكساء، والسكن والنقل والتعليم والعلاج والثقافة ومتطلبات أولية للعيش الكريم، وتأمينها يعني أنك مواطن وانسان، وبغض النظر عن العرض والطلب فان تأمينها لازم وضروري، وهي المعايير الوحيدة لنجاعة اي فكر وسياسة اقتصادية.
المعادلة الاقتصادية الجديدة ترمي الكثيرين خارج حدود الحياة الكريمة. هي صورة ليست مجازية ولا مستبعدة عن واقع رقمي عن الفقر والبطالة والتنمية المفقودة، وما يعتلي الى السطح من أصوات شعبية احتجاجية، وانفجار اجتماعي يطارد بسرعة الصاروخ السياسة الاقتصادية.
المعادلة تتجاوز القرارات الضاغطة على مستوى عيش الاغلبية والسواد الاعظم من الأردنيين. فالمعادلة نتاج لنظام اقتصادي-اجتماعي يقوم على انحياز الى قطاع خاص ثري وقوي ومسيطر.
والمقصود في هذا الكلام ليس القطاع الخاص: المسؤول والمنتج، والفاعل في الاقتصاد الوطني، وهم قلة قليلة. إنما اقتصاديات خاصة طفيلية تعتاش على أزمات الدولة، وثقوب الترهل في البيروقراط، وتسريبات الرشى والتهريب والتزوير، واستغلال منافذ السلطة، وتكوين محميات خلفية.
عصب الدولة السياسي ادارتها. وفي ظل كل المعادلات لابد من إدارة سياسية تفكر بالاجتماعي قبل الرقمي في قضايا الاردنيين. ولا تحولهم الى أرقام مجردة، والمجموع البشري الى تحصيل رقمي، وحتى التحول الرقمي في المعادلة الاقتصادية الجديدة ثبت فشله لحتى الان، فلو عدنا الى مجموع المراجعات المالية العامة فالاقتصاد الاردني مصاب بأزمة خانقة والايراد العام بانخفاض، والضرائب في تراجع، وقس على ذلك.
الأجر في الاردن وتحديدا في القطاع العام ما زال جارٍ حسابه وفقا لمعادلات اقتصادية واجتماعية قديمة، عندما كانت الدولة توفر تعليما وعلاجا مجانيا، وعندما كانت خدمات الدولة ذات جودة ومستوى مقبول، سواء في التعليم والصحة والنقل، وعندما كانت تنكة البنزين 8 دنانير، وكليو الخبز عشرين قرشا.
نعم، لربما أن شرائح اجتماعية مغطاة بالخدمات الحكومية من تعليم وصحة ونقل، ولكن السؤال ما مدى جودتها؟ الاردنيون محرومون من ابسط وأول الحقوق المعيشية «السكن»، ونذكر مبادرة «سكن كريم» التي نهشها الفساد، وتم اغتيالها، ولو أنها استفاقت لحلت مشكلة اجتماعية واقتصادية لشرائح واسعة من الاردنيين موظفي القطاع الحكومي ومتوسطي الدخل.
أجور الأردنيين تحتاج الى مراجعة ودراسات اجتماعية واقتصادية لمعالجة آثار التضخم الساحق وارتفاع الاسعار السلع والخدمات الاساسية والاولية، ولابد من اعادة التعريف الاجتماعي للأجر الشهري.