نشرة جوية
منذ خصخصة النشرة الجوية، وبزوغ نجم هواة الرصد الجوي، وراصدي الديلفري، والتطبيقات الجوية الذكية فلم تصدق كثير من النشرات الجوية، منذ 5 اعوام والتنبؤ الجوي في بلادنا مضروبة مصداقيته.
الاخبار تملأ الاعلام والسوشيال ميديا، منخفض قطبي وتحذيرات من تشكل السيول والانهيارات، ومنخفض عميق وغيرها من احوال الطقس. الاسبوع الماضي كان مفعما بالتوقعات الجوية منخفض قطبي وعميق وتوقع تساقط ثلوح، ومر حال الطقس عاديا، امطار متفرقة خفيفة هطلت على مناطق مختلفة من المملكة.
و لا أعرف أي نشرة جوية تعتمدها المؤسسات والاجهزة المعنية امانة عمان والبلديات والاشغال والامن العام والدفاع المدني واخرى. وما هي المرجعية الارصادية للرسالة التحذيرية المتكررة التي تصل الى المواطنين عبر هواتفهم المحمولة؟
مسألة الرصد الجوي حساسة ومرتبطة بمصالح حيوية للدولة والمواطن. الأردنيون فقدوا مصداقية أخبار الطقس، كثرة الهفوات والأخطاء وتراكهما المتتالي، تركت بصمتها على أمزجتهم وثقتهم بما يصدر عن الراصدين الجويين من تنبؤات جوية، حتى أن تلك الفوضى بأخبار الطقس تفضي الى إرباك وخوف وقلق في حياة الناس.
زمان كان الناس يتبعون طرقا تقليدية في الرصد الجوي. وسائل تقليدية لمتابعة ورصد الاحوال الجوية، صيحات الديك، ويعتقد أن صياح الديك بغير مواعيده الطبيعية والمعتادة فجرا ومساء ينبئ بطارئ جوي، وتمثل نبوءة جوية تستبق هطول الأمطار الرعدية، كما أن الحمار عنصر حيواني يملك حساسات مذهلة، فثمة انفعالات غير مألوفة تصدر عن الحمار عادة تسبق المنخفض الجوي والثلجي والأعاصير الرعدية، انفعالات تغير من الوضع الطبيعي لجسده، كأن يشد على «أذنيه» وإصدار أصوات غريبة، وكذلك مراقبة حركة انفعال الطيور المهاجرة والمستقرة مثل الحجل والحمام.
هناك من كبار السن، من يبحر بتفكيك رموز الطبيعة خاصة النشاط الحيواني، ويعتمدون عليها في رصد الاحوال الجوية صيفا وشتاء، وبحكم التجربة طولا وعمقا، فإنها أحيانا كثيرة تحوز على مقدار عال من الثقة والصدق، وتستدل بطرق بسيطة وعادية وفطرية على تغييرات عميقة تصيب الأحوال الجوية.
ويحكى أن بعض الراصدين الشعبيين، أتقنوا بحرفية عالية فن التنبؤ الجوي، وكانوا يحرصون على مدى سنوات طويلة على المراقبة الدقيقة لكل الأيام بدءا من فجر كل يوم، للنجوم والقمر وحركة الرياح وسرعته، والغيوم ومدى كثافتها وحركتها وقربها من سطح الأرض ولونها.. حتى باتت تلك التوقعات ثابتة طبعا وما تخيب إلا بإرادة الله عز وجل.
تلك المؤشرات الجوية الشعبية، يقام عليها أيضا التقويم الطقسي، كسعد الذابح والمربعانية وغيرها من تقسيمات فصول الشتاء والصيف في السنة، وتعتمد جميعها على استدلالات طبيعية وفطرية، بعضها موروث ايضا من ثقافات شعبية قديمة كانت متداولة عند الكنعانيين والفراعنة والإغريق والانباط، وورد ذكرها في مخطوطات وكتب قديمة.الدستور