jo24_banner
jo24_banner

ملاحظات.. حبس المدين ومتعثري السداد

فارس الحباشنة
جو 24 :

في قضية الغارمات والمتعثرين عن السداد والمدنيين فان مختلف طبقات المجتمع تمر بأزمة صادمة وغير قادرة التأقلم مع واقع جديد، ويبدو ان الناس غير قابلين لفهم ان هناك قوى وثوابت خفية ولامرئية تشكل الحياة العامة وحتى قيمة راتبك الشهري، وكيف يتم انفاقه وصرفه.
محنة فقراء البنوك وشركات التسهيلات والتمويل لم تطل الاردنيين فحسب. الاردني وقع في فخ الدين لشراء هاتف خليوي حديث ورحلة سفر الى تركيا وشراء اثاث جديد واستقدام عاملة منازل وخدمات ومواد استهلاكية اخرى.
في الاردن اكثر من مئة الف عاملة منازل اسيوية، واصبحت المرأة الاردنية تعتقد أن تمكينها وتحريرها واستقلاليتها تتحقق بتشغيل عاملة اجنبية. هناك شرائح اجتماعية وقعت حية لانفتاح اقتصادي مشوه، ولم يلامس الواقع الاقتصادي الحقيقي، ومقاييس الانتاج والدخل والنمو والاستهلاك، فمظاهر الرفاهية والرخاء كانت جميعها خادعة وكاذبة.
وحتى موظفي الحكومة من متوسطي الدخل واجهوا ذات الاستحقاق والسؤال. ومن زاد راتبهم عن الف دينار شهريا، تعود على نمط حياة استهلاكية مزور سيارة فارهة وماركات مستوردة وسفر خارج البلاد، ومدارس خاصة ومظاهر اخرى، وقد اصبحت حقوقا مكتسبة بصرف النظر عن التحول الاقتصادي والازمات وتداعياتها على الراتب وقدرته الشرائية.
و اذا ما لم يتمكن المواطن قبل الدولة ان يضبط معادلة الاستهلاك فان موارده ستقضم، وهذا حال الدولة اذا ما وزنت بين فاتورتي الاستيراد والتصدير لسد العجز ودفع فوائد الدين وحماية سعر صرف الدينار والسياسة النقدية.
الفقراء اذا ما تنبهوا فهم الخاسرون. رجال الاعمال وكبار القوم والمقاولون واصحاب الرواتب العالية بعيدون كل البعد عن أي مخاطر اجتماعية مهما طرأ من ظروف وتداعيات.
قبل ايام كنت أركب تكسي، السائق اتصل بزوجته، تهامسا قليلا بكلام لطيف وخفيف. وبعد اقل من دقيقة اعتلى صراخه ورد عليها بصوت مرتفع، وقال لا يمكن ان احضر كل هذه الطلبات اليوم، والفواتير أجليها لاخر الشهر وخليهم يفصلوا المياه الله بفرجها، وحليب الطفل لازم يكون زي وصفة الدكتور ومستحيل اجيب له نيدو «حليب مجفف».
سائق التكسي والتاجر الصغير والموظف العادي هم شرائح اجتماعية لقياس حال السوق يوميا، ومعيش الناس والانقلابات التي تحدث، وما يصيب الرواتب والاجور من تضخم وكساد وانعدام للقدرة الشرائية. اكثر الاردنيين يواجهون واقع الفقر والجوع يوميا.
وفي قضية التعثر والمدنيين والغارمات. كثيرون يخضون في مسألة المدين والغاء حبس المدين ويثورون المجتمع ويزيدون من غضب الناس وحدة الاحتقان ودونما ان ياخذوا المسألة الى حلول ناجعة ومنطقية وواقعية.
و الخوف ان نصل الى لحظة يصطدم بها الاردنيون مع بعضهم البعض، وصدقوني المجتمع ضيق، ومسألة الحقوق حساسة وصعبة سواء على الدائن والمدين، وفي غياب صوت الحكمة والرشد نخاف أن تفلت الامور عن غاربها. نصيحة اسدي بها لكل المعنيين في ملف الدين وتعثر السداد من محامين وقضاة واهل رأي واقتصاديين ودائنين ومدنين.

الدستور

تابعو الأردن 24 على google news