أمراض الصحافة!
لربما أن المشترك الاكبر بين الزملاء الصحفيين المرض، فالصحفيون أكثر اصابة مبكرا بالسكري والضغط والدهون. كل مهنة تحمل معها أمراضها واتعابها، والزملاء يتلاحقون باجراء عمليات لقلوبهم: قسطرة وتركيب شبكات، وقلب مفتوح.
ثمة ما يجزم اعترافا أن الصحفيين اكثر الشرائح عرضة للاصابة بامراض القلب، ومن المحتمل أن تكون هناك تشابهات بين حالات واخرى، ومحتمل أن بعضهم اصيب بامراض القلب من كثرة المناسف والعزائم والولائم، ومنهم من بلغ سن اليأس السياسي والصحفي مبكرا.
الشراهة والنهم على التدخين وشرب القهوة جامع مشترك بين الصحفيين ، رغم اني من المقلعين عن التدخين، وقد دخلت العام الثاني من دون سيجارة. السيجارة من متلازمات العمل الصحفي، مجرد ما تجلس خلف الكيبورد تحرق باكيتا وأكثر، والتخلص منها صعب ومشواره محفوف بنزوات لا تقاوم احيانا بالعودة الى السيجارة، ولكني عرفت ان اكون صحفيا دون سيجارة.
طبعا، قد يكون هنالك روابط وصلات أخرى بين الصحفيين، وذلك في اطار المهنة والتطلع الى الهم الوطني والسياسي العام. وروابط اخرى متعلقة في قضايا كبرى في العمل الصحفي من كتابة الخبر وتحريره الى المقال والاستقصاء والتحليل والتعليق السياسي وغيرها من اصناف الكتابة الصحفية.
هذه المقالة ليست عن الصحافة والصحفيين، ولاهي عن امراض الصحفيين. ولكن ثمة ما يوجب قوله في صدد تعديل تشريعات الصحافة والعمل وتصنيفها من المهن الخطرة، وهذا لربما لا يروق لكثيرين ممن يتطلعون الى الصحافة بـ»نصف عين»، ودائمو الشتم واللعن للصحافة، وتحميلها كل ازمات ومصائب وويلات البلاد.
الحديث عن الصحافة ومتاعبها وآلامها وهمومها وتعاستها محفوف بمخاطر اسئلة ملغومة. دخلنا في حديثنا من زوايا المرض وشراهة التدخين حتى نميز ضمنا من هو الصحفي ومن غيره. التفكير في الصحافة يبدأ من هنا، لنفكر اولا كيف ننقذ قلوب الزملاء من التعب والموت؟
الموضوع معقد لحد ما، وما يبحث التفكير به، كيف نحيي الصحافة؟ هذه ليست اسئلتي، ولكنها اسئلة كل الصحفيين. كيف نخوض حرب البقاء والتكييف؟ سؤال من زواية اخرى أرى أنه سر المرحلة وعنوانها الكبير والعريض.
الدستور