انتخابات ورحيل النواب!
فارس الحباشنة
جو 24 :
مع توالي الحديث عن رحيل مجلس النواب، ويتعاظم لدى شريحة من الاردنيين الاحباط واليأس واللامبالاة من الانتخابات.
لربما ان الشريحة التي اتحدث عنها هنا ليس هناك من احصاءات دقيقة تجمع على تعدادها وحجمها الفعلي، ولكن في كل انتخابات نيابية وبلدية جديدة فان مساحتها تكبر وتعدادها يتضخم.
شريحة المقاطعون للانتخابات والعازفون عن المشاركة باي انتخابات، ولو جمعية ديوان العشيرة والعائلة او مختار الحارة والحي، وصندوق الموظفين، يعبرون في «سلوك الحرد» عن موقف صلب رافضي من فكرة وخيار الاقتراع وصندوق الانتخاب.
شريحة كانت تضم رجالا ونساء متقدمين بالعمر، وتحديدا من سكان المدن الكبرى عمان والزرقاء واربد، ولكن العدوى انتقلت الى المحافظات ومناطق الاطراف التي تصنف في سجلات التقييم الانتخابي بانها الاكثر مشاركة واقبالا على الترشح والانتخاب.
العارض اقتصادي ومعيشي، ومن يجدر ان يسموا مواطنين بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يقولون لماذا نصوت، لمن نصوت، وهل صوتنا حاسم بالانتخابات؟ هي الشريحة ليست عدمية، ولكنها تطرح اسئلة في معرض بحث اجابات، وهم مؤمنون بالقانون والمؤسسات والمجتمع والديمقراطية، ولكنهم يبحثون عن ضمانات سياسية.
ولذا فان الانتخابات ليست مجرد تعليمات وانظمة صادرة عن هئية الانتخابات، ومقار انتخابية وكنافة خشنة وناعمة، ومناسف بلدي واسترالي، وصور مرشحين ملونة تملأ الشوارع والحيطان، وصندوق اقتراع وقانون انتخاب.
بالمعنى السياسي الانتخابات خلاص الجماهير، الانتخابات روح اللعبة السياسية، وجوهرها، والانتخابات تكون شرعية كلما جذبت جمهورا اكبر من المقترعين، وكلما وصل الحرد السياسي في الشارع الاردني الى صفو مئوي.
صندوق الاقتراع يكون حاملا لافكار ورأي وقرار الاغلبية. وبعيدا عن عقلية نواب الخدمات والمناطقية، ونواب مقاولات السياسة!
كيف يختار الاردني ممثله في البرلمان؟ وعلى أي اساس، ومن أي زواية انتخابية؟ مسألة الاجابة عنها تفرغ بالوصول الى حالة سياسية اردنية متقدمة ومستقرة وراكزة ولا أقول مثالية.
لمن تصوت؟ ولو أن الزمان يعود بنا الى برلماني 89 و94، برلمانان قدما درسا عريقا في السياسة الاردنية، والعمل البرلماني، نواب ثقات، وسياسيون يحترفون الاشتباك مع الحكومة، ويمارسون دورا رقابيا وتشريعيا، ويتفننون بالسياسة واللغة والخطاب بالتعاطي من الرأي العام والجمهور.
مجلس نواب قوي جوهره الاصلاح السياسي. ولربما أن الاردن في هذه اللحظة باشد الحاجة الى اعادة الثقة بمؤسساته حكومة ونوابا، وهي من الدورات القوية لاعادة الثقة بالدولة، وتمتين العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة.
حجم مخاطر الازمات والملفات والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والامنية تلزم وجوب وجود حكومة ونواب أقوياء وشرعيين وشخصيات سياسية وازنة نوابا ووزراء، وفي ظل تحد اقليمي ودولي متغير.
الكلام عن مجالس النواب والحكومات لا يدخل تحت بند المماحكات والنميمة السياسية، انما من الضروري في لحظات وطنية عصيبة والتفكير بما يخدم سلامة ومصلحة المواطن الاردني، ومراعاة أن ثمة سؤالا يشغل الاردنيين للانتقال نحو ديمقراطية سليمة وظاهرة وطنية وشرعية.