فساد الزفتة
«الاردن الجديد» في العقدين الاخيرين من عمره، اكثر أزمة يواجهها في البنى التحتية والانشائية: الزفتة والاسمنت. الشوارع في بلادنا معطوبة، واكثر ما تطالع اخبارا عن احالة عطاءات لفتح وشق وتدشين وتشييد وترميم مبان و شوارع في عمان وخارجها.
هنالك ازمة فاضحة في ادارة الزفتة والاسمنت. الاردن باقل التقديرات انفق خلال الـ 20 سنة الاخيرة ازود من عشرة مليارات دينار على تزفيت الشوارع، واصلاحها، وانفق اضعافا على المباني الحكومية.
واتحدى لو ان هناك شارعا واحدا في الاردن دون حفر وترقيع ومطبات ومكسر، وبرك، ومستنقعات المياه تتوسط اجوافه. أليس هناك مهندس يشرف على تنفيذ المشاريع؟ وهناك ايضا عملية رقابة واشراف هندسي حكومي واهلي ونقابي على المشاريع الانشائية والبنى التحتية؟ الاجابة لست مهمة.
ولا اريد ان ابتعد هنا بالسؤال عن تطبيق القانون والنزاهة والشفافية، ولكن عن ضمير المهندس الانسان أولا. فما هو ضمير المهندس والمسؤول المعني اذا ما استسهل في الاشراف على تنفيذ المشاريع؟
في صور متداولة على السوشيال ميديا شارع في مدينة اربد انهار فجأة مع أول شتوة، ويظهرفي الصورة أن شاحنة تمر من فوق الشارع اعجالها «غرزت» في طبقة زفتة هشة ومغشوشة سمكها لا يتعدى 2 سم. وانقشع الشارع ليظهر حجم الفساد في اعمال التنفيذ فبدل الزفتة تكدست طبقات من الرمل والحصمى.
شوارع مكسرة ومهترئة، وكل عام يطرح عطاء لترميمها واصلاحها أو اعادة تأهيلها من الصفر. اموال لعطاءات تستنزف ميزانية البلديات وامانة عمان ووزارة الاشغال العامة.
ولو أن الحكومة توقف عطاءات الزفتة، ونعود الى الشوارع الترابية والرملية. وصدقوني راح تكون اكثر امانا وجمالا وراحة للسائق والسيارة معا. تذكروا معي قبل عشرات السنيين واكثر، كانت شوارع كثيرة في المحافظات والقرى ترابية ورملية، والمواطنون لا ينزعجون ولا يشكون.
فساد الزفتة من ألعن انواع وانماط واشكال الفساد، واللعن من الخصخصة مثلا على الاقتصاد الوطني. ولربما ان الموضوع يتعدى غريزة وشهوة وطمع وجشع مقاول نهم فاسد إنما تهديد لارواح المواطنين، واستنزاف لخزينة الدولة واموال الاردنيين دافعي الضرائب.
الانطباع العمومي، الاردنيون ضاقوا ذرعا من «فساد الزفتة». هناك ما يربط بين الزفتة واسئلة خطيرة في السياسة والاقتصاد، وعن محميات الفساد، وما يصيب الاقتصاد الاردني من ازمة خانقة.
الدستور