الهولوكوست أقوى من قنبلة نووية!
ذاكرة العالم ما زالت تحترق بالاحتفال في ذكرى الهولوكوست. الكيان الصهيوني احتضن قبل ايام احتفالا حضره زعماء وقادة نحو 75 بلدا ورجال دين يهودي واسلامي ومسيحي.
اسرائيل تحتفل في ذكرى الهولوكوست وهي تقدم على ابشع سياسات الفصل العنصري والعرقي في التاريخ الانساني. الاستيطان وجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، وحصار غزة وقتل وتجويع اهاليها، وممارسات داخلية في المجتمع الاسرائيلي تقوم على التمييز العنصري الذاتي على يهود افريقا واثوبيا واليمنيين، والذين واجهوا الترحيل والاعتقال بحجة ان اقامتهم غير شرعية.
السياسة الاسرائيلية أجادت الاستثمار الدبلوماسي في « سردية الهولوكوست «، اسطورة ستة ملايين يهودي. جماعة الضغط اليهودي في امريكا واوربا جعلت من موضوع الهولوكوست والمجزرة النازية في عهد هتلر مضمونا سياسيا هاما لترشيخ شرعية اسرائيل كدولة استثنائية في النظام العالمي، واستثانئية بالشرعية الدولية.
وهذا الغرض أفضى الى دعم دولي وغربي غير محدود لاسرائيل، وفضلا عن استراتجية اسرائيلية لابتزاز الغرب بحجة وذريعة المجزرة والشعور بالذنب الاوروبي ازاء ما جرى لليهود في عهد هتلر.
واستطاعت الماكينة الاعلامية والسياسية الاسرائيلية أن تبتز المانيا الاتحادية بمليارات الدولارات، وان تسوغ سياساتها العنصرية والاستيطانية والاستعمارية ضد الفلسطينيين والشعوب العربية والاسلامية.
في الغرب تحولت سردية الهولوكوست الى اسطورة سياسية معاصرة، وامثولة تردع الرأي العام والحكومات في الغرب والعالم من مهاجمة أو انتقاد اسرائيل. ومهما اشتطت سياسة العدوان الاسرائيلي ضد الفلسطينيين فانها فوق الشرعية الدولية، وهذا حدث في عدوان غزة 2008 والتي مثلت بحسب القانون الدولي جرائم حرب.
مفكرون غربيون اتسموا بالنزاهة والحس النقدي لاحظوا ان اسرائيل بالغت في سردية الهولوكوست، واحد المفكرين اصدر كتابا بعنوان «صناعة الهولوكوست». ولا تتوقف اسرائيل واللوبي اليهودي عن شحن العالم بتفاصيلها بما يتعلق بوقائع تاريخية يشوبها الجدل وعدم الموضوعية والدقة، واستخدمت اسرائيل السينما والاعلام والخطاب الاكاديمي وغيرها من وسائل التأثير ليبقى الاوروبيون تحت وطأة عقدة الشعور بالذنب.
في القرن العشرين ولدت اغرب جريمتين سياستين الاولى: جرمة تصفية اليهود في اطار ما يسمى جرائم الهولوكوست، على يد النظام النازي، وهي جرائم تعرضت اليها شعوب اوروبية كثيرة.
والثانية: الجريمة التي ارتكبتها الحركة الصهيونية بدعم امريكي واوروبي، بحق العرب الفلسطينيين وطردهم وتهجيرهم، واقامة دولة يهودية بديلة.
الفارق بين الجريمتين أن الاولى انتهت، واليهود قبضوا ثمنها سياسيا ومعنويا وماديا اضعاف الاضعاف. اما الثانية فما زالت مفتوحة وسارية المفعول، وتطارد شعبا مهجرا ومشردا في العالم، ومهددا من الزوال على بقايا اراضه المغتصبة والمحتلة من الكيان الصهيوني.
المحرقة في السياسة الاسرائيلية اقوى من القنبلة النووية. في الثقافة السياسية الاسرائيلية خلصوا الى ان وجود اسرئيل بعد المحرقة لا بد ان يتم بالقوة والعنف، وذلك بعدما تعرض وجودهم في اوروبا بالشرعية لمحاولة ابادة. والنازية كانت ذروة المشروع الاوروبي والذي جرى بتره واستئصاله من جانب ما يسمى الاعداء للسامية.
الاسرائيليون لم يهتموا كثيرا سواء اعترف العرب بالمحرقة ام لا؟ صحيح ان المحرقة لحقها نكبة ونكسة. في التاريخ المعاصر فان الفلسطينيين والعرب عوقبوا ودفعوا الثمن كأنهم ارتكبوا مجازر الهولوكوست، وليس الاخرين.