هلوسات!
كم من مرة حفرت قلب حب على حائط وجدار عام. وكم من مرة كتبت اسم معشوقتك وحبيتك على حائط وجدار. تدخل الى الغرفة الصفية ووسائل المواصلات وابواب الحمامات العامة محفورة على الادراج اسماء وحروف، وعبارات لذكريات خالدة.
كلمات بسيطة وعادية وعفوية، ولكن حافرها يبحث عن خلود مع الشخوص والمكان والزمن. رسالة الى جمهور حالي وقادم، كلمات تنتمي الى اللحظة الراهنة والماضي والمستقبل / ترى فيها الزمن ممزقا، واي ذكريات محفورة على مقعد خشبي قد يحترق او يفكك أو حائط وجدار اسمنتي قد ينهار او يهدم بقرار بلدي باي لحظة.
البحث عن الذكريات له سياقات، فالصورة أشد قسوة من الحرف المحفور. نذهب الى الالبومات، والى الصور القديمة نفتش عن وجوهنا، ونفتش عن زمن ماض آخر، محمول بالحنين والعواطف والذكريات والالام والحزن، نغادر بؤس اللحظة الراهنة بقسوة الماضي الاليم.
اللحظة الراهنة دائما قاسية ومؤلمة وحزينة، الفرح خدعة وقناع، والا لماذا نفتش في الذكريات والماضي القريب والبعيد؟ نجلب الماضي بحثا عن فرح ومتعة، وأمل.
نسميه حنين، ولكنه لزمن مفقود وضائع. صورة الماضي لا تنتظم في الذاكرة الا إن رأيتها في المستقبل. خلود الصور والذكريات حالما ارتبطت بمشاعر واحاسيس وامال، فكيف للماضي المجلوب أن يصنع حاضرا ومستقبلا.
حافر الحروف، وملتقط الصورة كلاهما باحث عن الخلود. من حفر اسمه على جدار وحائط ومقعد، اختار أن يقول للزمن إني موجود، هي عفوية وجودية بالتعامل مع الزمن العابر.
ومن اسئلة الوجودية، ما الزمن وما الحياة؟ ولماذا نعيش والى اين ماضون؟ واسئلة عن اكتمال العمر، وهل حقيقة ان العمر يكتمل ؟ نحن والاخر والزمن، ومن يعايش الاخر؟
وفي صراعية الزمن، هل قتل الماضي إعلان لقتل الاب، وذلك بحسب تحليلات فرويد ومقاربات نيتشة لمفهوم الزمن وتقاسيمه ؟ التاريخ حامل المشاع، وحركة الانسان والزمن هي انقضاض على سلطة الماضي وسطوته وقسوته، الماضي لا يرحل الا بثورات، والا لماذا يبقى مؤثرا وفاعلا في راهننا؟ ولذا فان السؤال يبقى كيف نتخلص من كراكيب الماضي، وليس الماضي كزمن؟