زمن التطبيع
ما لا يفهم مهما حاول البعض ان يخفف من فظاعة الجريمة والابتعاد كثيرا عن قدسية القضية الفلسطينية، والتقليل من الاثم الوطني والقومي لجرائم التطبيع مع اسرائيل. فلسطين التي عرفناها التصقنا بها سياسيا وحضاريا وانسانيا، ونضاليا منذ وعد بلفور المشؤوم ونكبة 48 ونكسة 67، وحرب الكرامة 67 وحرب التحرير في 73.
وما اتحدث عنه، وفي صدد فضحه ما يتمتم به سياسيون واقتصاديون واعلاميون ايضا من حديث فارغ على اعتبار ان السلام من جديد قد يكون فرصة اردنية وفلسطينية معا.
خطاب رائج، وموجة لاستعراضات سياسية واقتصادية تتحدث برخاوة عن صفقة القرن وتوابعها، وما يداهم الاردن وفلسطين من مخاطر لتداعيات التطبيقات المباشرة والواقعية لصفقة على الارض، وهذا نهج به سياسة تل ابيب وواشنطن باللعب على عامل الوقت، وفرض ما يسمى سياسة الامر الواقع، وفرض ترسيمات جوسياسية، ورسم خرائط جديدة لدول المنطقة.
في اللحظة الراهنة القضية الفلسطينية اشد ما تحتاج الى ممانعة وطنية، ورفض لكل اشكال التطبيع، وصد كل محاولات الانقضاض على بقايا القضية باسم السلام الاقتصادي وخطط الاستثمار والتنمية، والازدهار والرخاء، فهذه مفردات ماذا جلبت الى الشعبين الاردني والفلسطيني غير الدمار الاقتصادي والفقر والبطالة وسياسات اقتصادية اكلت الاخضر واليابس.
التطبيع جريمة وطنية، ومن ابشع الجرائم بحق الاردن وفلسطين المغتصبة. والقدرة على مقاومة التطبيع بمختلف اشكاله هي اثبات للذات وتمتين للجبهة الوطنية وحماية للحقوق التاريخية.
للتطبيع فخاخ كثيرة ترسم باسم السلام والتعايش والتعاون الاقتصادي والتنمية، وغيرها من عناوين تهون وتسطح الصراع مع اسرائيل، وتقدم ما يشبه الحلول الغرائيبة، وفانوس علي بابا السحري لازمات دول المنطقة، والتي اصلها وجذرها واساسها رأس الحربة الامريكية، ورأس الافعى الاسرائيلي، ولاغيرهما!
ليس من السهولة تقبل اسرائيل، وليس من السهولة الاعتراف بوجودها. ومهما كان الخطاب السياسي والاعلامي الزاحف والضاغط ازاء قبول اسرائيل والاعتراف بها واقع امر وحال، فهذا ما لا يمكن ان يقبل به الاردنيون.
اليوم، والمعركة كما يبدو اردنية كثيرا، وصفقة القرن ومشروع السلام الامريكي يفتح جناحي اسرائيل الكبرى لترفرف على كل دول الاقليم. وفي ثنايا المنطعف الحاسم الذي تمر به القضية الفلسطينية فان الطريق بين الاردن وفلسطين هو الفاصل، والمؤسس لاشد اساسات مقاومة التطبيع ومحاربة المشروع الاسرائيلي الجديد وصفقة القرن وتوابعها، وذلك من خلال رفع رايات وطنية تحمي هوية الشعبين.