التكنولوجيا وإدارة تحولات سوق العمل
جمال الطاهات
جو 24 :
إن عجز بعض الدول عن استيعاب واحتواء أثر التحولات التكنولوجية على سوق العمل، شكل، وما زال يشكل، البيئة التي ولدت الحركات المتطرفة منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا. إذ أن فقدان التوازن بين العمال وأصحاب العمل، له أثران متلازمان: أثر اقتصادي متعلق بانهيار انتاجية القطاعات المختلفة، وأثر سياسي أمني وثقافي متعلق بتهميش كتل اجتماعية.
التحول التكنولوجي يفرض انتقال القوى العاملة من قطاع إلى آخر، إذ أن عصر التنمية، المحمول على وفرة الموارد الغذائية بفاعلية الثورة الخضراء (مكننة الزراعة وارتفاع انتاجية البذور) هو عصر انتقال الموارد البشرية عبر القطاعات. وتصاعد مع هذا التحول التحدي الاقتصادي والامني لحفظ التوازن بين العمال وأصحاب العمل. إذ أن الانتقال الآمن للقوى البشرية للعمل في قطاعات جديدة يتطلب منظومة مركبة من التدريب والتامينات الاجتماعية، وتدويل لسوق العمل لاحتواء النمو غير المتوازي للقطاعات المختلفة في الاقتصاديات المختلفة.
الأردن، بادر مبكراً بإنشاء وزارة للعمل، كوسيلة لتنظيم سوق العمل محلياً والتعاون مع الإقليم لهذه الغاية، واستيعاب المتطلبات المؤسسية والقانونية والتدريبية التي تفرضها التحولات التكنولوجية. إذ أن تنظيم سوق العمل، مهمة مركزية، ليس فقط لحماية العمال من الاستغلال، ولكن أيضاً لحماية أصحاب العمل، وللحفاظ على استقرار البيئة الاستثمارية.
قانون الموازنة العامة لعام 2020 حدد مهمات وزارة العمل ومنها مهمة متواترة وهي: «تنظيم سوق العمل الأردني ووضع التعليمات اللازمة لاستخدام العمال الوافدين وتوفير فرص العمل والتشغيل للأردنيين داخل المملكة وخارجها وبالتعاون مع الجهات المختصة». مهمة (توفير) فرص العمل عبر تنظيم سوق العمل، وهي مختلفة عن مهمة (خلق) فرص العمل التي تاتي عبر توجيه الاقتصاد الوطني.
وقانون الموازنة، يقرر زيادة صافية لعدد العمالة الوافدة، الضرورية لديمومة الانشطة الاستثمارية، من 362 ألف إلى 370 ألف، ومحاولة وزارة العمل تقليل هذا العدد هي مخالفة قانونية.
المطلوب لإدارة وتنظيم سوق العمل هو الحفاظ على جاذبية فرص العمل للعمالة المحلية، وحماية توازن المصالح بين أصحاب العمل والعمال. الخلل في هذه المعادلة له أثر مضاعف سياسيا واقتصاديا مطلوب منع حدوثه.