مثلث التحفيز الاقتصادي
النتائج المرجوة من حزم التحفيز الاقتصادي ستبقى رهينة تطوير السياسات المتعلقة بمثلث التحفيز المركزي (الطاقة والمياه والبنوك). فما زالت قطاعات الطاقة والمياه والبنوك تدار بذات السياسات التي صممت في مراحل سابقة لخدمة أهداف واولويات لم تعد تخدم المتطلبات الجديدة للمستمثرين والمستهلكين. الاستمرار بسياسات موروثة من الماضي له أثر مضاعف، زيادة كلف الانتاج، وامتصاص جزء مهم من الدخول التي يمكن لها أن تذهب لتحفيز الطلب المحلي.
فكما أن لارتفاع أسعار الطاقة أثر سلبي مضاعف على موارد الخزينة، فإن انخفاضها له أثر إيجابي مضاعف، فهو يقلل الأعباء عن الخزينة ويزيد مدخولاتها من المصادر الأخرى. فالدخل الحقيقي والطبيعي للخزينة هو من ضريبة الدخل. صحيح أنه بالإمكان زيادة دخل الخزينة من قطاع الطاقة بشكل مباشر، لكن هذا الخيار يؤدي إلى انخفاض حاد في دخولها الأخرى، وكساد اقتصادي بأثار اجتماعية وسياسية كبيرة يزيد من أعبائها. كما أن التوصل إلى معادلة امثلية أسعار الطاقة التي تحافظ على أعلى مدخولات وأقل أعباء للخزينة، تقنية سهلة ومتاحة، فهو نموذج يمكن تصميمه وتطبيقه بسهولة.
من جهة ثانية، فإن سياسات الطاقة الحالية، تعيق تطوير سياسات نقدية جديدة. فأي استثمار تبقى جدواه محاصرة بأسعار الطاقة والمياه وبكلفة العمل. كما أن تحرير السياسات المائية، وتحفيز العمل على زيادة نسبة المياه السطحية، وتحلية المياه، إلى مجمل المياه المستهلكة، لا يمكن أن يتحقق في ظل سياسات قطاع الطاقة الحالي.
ويمكن تخيل التحفيز الاقتصادي بأنه مثلث أضلاعه، طاقة ومياه وبنوك. ولا يمكن تحفيز الاقتصاد بنصف مثلث، أو بجزء منه. فلا يكفي تحرير قطاع الطاقة، وابقاء السياسات النقدية والمائية كما هي. تمويل الأنشطة الانتاجية، بعد أن يتم ضمان جدواها، لن تقدم عليه البنوك إلا حين تجد ذلك ضرورة لخدمة المساهمين والمودعين. وهذا مشروط بتحول هذا التمويل إلى منتج بنكي فعال ومقنع، وليس بمبادرة إقدام على المخاطر من هذا البنك أو ذاك. لنتذكر أن البنوك لديها حساسية عالية ضد السياسات النقدية الافتراضية، والمطلوب الانفتاح لتطوير السياسات النقدية بما يخدم منتجات بنكية جديدة.