jo24_banner
jo24_banner

في ذكرى ميلاد امبراطور اليابان ناروهيتو

الاستاذ الدكتور محمد ابودية معتوق
جو 24 :
 اعتدت منذ عدة اعوام ان اكتب كل سنة في ذكرى ميلاد الامبراطور الياباني والذي كان يصادف في 23 من كانون الاول ، في احتفال مهيب تقيمه السفارة اليابانية بهذه المناسبة الرسمية، ومن الان فان الموعد المعتاد قد تغير بتنحي الامبراطور اكيهيتو واعتلاء العرش الاقحواني ابنه ناروهيتو والذي يصادف ذكرى ميلاده في 23 من شباط بعد ان تنازل عن العرش لاول مرة منذ قرنين في التاريخ الملكي الامبراطوري الياباني لابنة البالغ من العمر الستين عاما ليصبح الإمبراطور الـ126 في تاريخ اليابان الذي يمتد الى اكثر من 200 عاما وبذلك تعتبر العائلة الإمبراطورية في اليابان أقدم سلالة ملكية بالعالم مستمرة إلى اليوم أي قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام.
والإمبراطورناروهيتو الذي ولد بعد الحرب العالمية ، متزوج من دبلوماسية سابقة الامبراطورة ماساكو ، تملك خبرة طويلة في الدراسة والعيش في الخارج . ما يجعل كثيرين من اليابانيين وفي العالم يتوقّعون عهداً أكثر انفتاحاً على العالم وأقرب إلى حياة كثير من اليابانيين بتولي الامبراطور الجديد مهامه في الاول من ايار من العام الماضي. وجرى العرف الملكي ان لا يتزوج الامبراطور من العامة لاعتقادهم بان الدم الملكي يجب ان لا ينخلط مع العامة لمعتقدات دينية ولكن الامبراطور اكيهيتو كان اول من خرق هذه التقاليد وتزوج من عامة الشعب وتبعه ابنه ولي العهد ناروهيتو . وقد اعتقد الشعب الياباني ان الامبراطور ليس شخصا عاديا فهو عميداً للعائلة الإمبراطورية وأعلى سلطة لديانة الشينتو وقائدا للدولة ومنح لقب الميكادو. وفي قصيدة الشاعر حافظ ابراهيم غادة اليابان اشار الى الميكادو عندما تغزل في فتاة يابانية ممرضة كانت تعمل في مصر ولبت نداء العودة الى بلادها للمشاركة في الحرب انئذاك واثرت العودة الى اليابان لخدمة شعبها وقالت ( هكذا الميكادو قد علمنا أن نرى الأوطان أماً وأبا).
وينظر للاباطرة بان لهم دورا كبيرا جداً في ديانة شينتو اليابانية، عبر مختلف الطقوس السنوية والصلوات، من أجل ازدهار البلاد، ومن العرف ايضا ان لا يرث العرش إلا الوريث الذكر والامبراطور الياباني ناروهيتو ليس لديه اولاد ذكور بل ابنة وحيدة لن ترث العرش وولي العهد الحالي شقيقة أكيشينو الذي لديه من الابناء والبنات ما يؤهله للحفاظ على الخط العمودي للعرش الامبراطوري الياباني وينقذ العرش من الانهيار لقلة عدد الذكور في العائلة المالكة والتي تعتبر من اقل العائلات الملكية التي لا تتجاوز عدد افرادها بضع عشرات من الامراء (26 فردا) مع العلم ان معظم افراد العائلة الملكية من كبار السن .
و بعد الاحتلال الامريكي تم وضع دستور جديد لليابان حددت مهام الامبراطور الياباني هيروهيتو الذي خسر الحرب أنه «رمز للدولة ولوحدة الشعب» فقط ، ولا يتعدى دوره الدور الرمزي في نظام الملكية الدستورية المتبع باليابان ، فقد كان الحلفاء ينوون إلغاء المكانة الإمبراطورية لهيروهيتو جد لامبراطور الحالي ، لكن الجنرال الأمريكي دوغلاس ماك آرثر الذي قاد قوات الاحتلال الأمريكية بعد الحرب، أقنع رؤساءه ببقاء الإمبراطور، للحيلولة دون الانهيار التام لمعنويات الشعب اليابان كون الشعب ينظر الى الامبراطور انه راس الهرم الديني في الدولة فتجريده من كافة الميزات سوف يقضي على كل ما بنيت عليه الدولة عبر التاريخ الطويل من كل معتقد ديني.
ولا يزال يطلق على الإمبراطور لقب «تينو» في اليابان والتي تعني السيادة السماوية، في إشارة إلى فكرة أن الأسرة الإمبراطورية تنحدر من الآلهة، وفقاً للمعتقدات اليابانية فلا يزال الكثير من اليابانين الى وقتنا الحالي يحظون بمباركة الامبراطور في اليوم الاول من بداية كل عام من القصر الامبراطوروي في طوكيو والذي يطل الامبراطور من شرفة زجاجية والعائلة المالكة يحيي بها عامة الشعب كمظهر ديني وصلوات وتنمني بدوام الصحة للامبراطور ومباركة لهم في بداية عام جديد لان الأسرة الإمبراطورية احتفظت تاريخياً بحق إلوهية الحكم، وان الحكام أنصاف آلهة لكن في القرون الأخيرة بدأت تلك الهالة حول الإمبراطورية تتلاشى .
ونظرا لهذه المعتقدات بقيت الحياة داخل قصر العائلة المالكة في اليابان لغزاً من الألغاز، إذ لم يكن اليابانيون يعرفون الكثير عن حياة الإمبراطور وزوجته وأولاده. الا انه في بداية حكم هيروهيتو تغيرت الامور فاصبح للعامة الحق بالاطلاع على بعض الوثائق والمعلومات الخاصة بالحياة داخل القصر في طوكيو في العاصمة اليابانية والذي يعد واحداً من أغلى العقارات بالعالم يضم القصر أماكن إقامة العائلة الإمبراطورية ومكاتب وكالة رعاية القصر الإمبراطوري ومتاحف. وغالباً ما يُشار إلى النظام الإمبراطوري مجازاً باسم عرش الأقحوان، (نسبة الى شكل زهرة الافحوان وهي شعار الامبراطور المميز على كافة المقتنيات الملكية والرسمية للدولة ) ، وعندما يتوج الامبراطور يجلس على كرسي مزخرف يسمى تاكاميكورا، يجلس عليه الإمبراطور خلال حفل تنصيبه وهو الرمز الحقيقي لزهرة الاقحوان
وعلى الرغم ان الاحتلال الامريكي عمد الى مصادرة معظم ممتلكات الامبراطور وتم تسجيلها باسم الدولة لكن بالمقابل منحت العائلة مصاريفها السنوية التي تبلغ فقد ما يقارب 200 مليون من الدولة واحتفظت العائلة الحاكمة بقليلاً من الأملاك الخاصة في كل من كيوتو العاصمة القديمة وطوكيو فقط. ويعيش حاليا في القصر الإمبراطور وزوجته، وأولاده وأحفاده واشخاص آخرون من أقرباء الإمبراطور .
وينظر اليابانيون الى الامبراطور ناروهيتو الى متابعة المسيرة السلمية التي بدأها والده اكيهيتو والسير على خطاه فلا عجب ان الامبراطور اختار لحقبته بعد تولي مهام الحكم رمزا خاصا به والتي اعتاد الحكام بتسمية الحقبة التي يتولونها والتي تطلق مباشرة بعد تولي الحكم لتصف رؤيا الحاكم لما سيقدم عليه في الحكم اللاحق لما سبقه من العهد الملكي فكانت حقبة ناروهيتو هي عهد الريوا والتي تعني التناغم مع السلام والازدهار والتي تشير الى اكمال مسيرة السلام لوالده مع التقدم والازدهار بتناغم تاريخي لما سبق.
الامبراطور ناروهيتو له اهتمام كبير على سياسة المياه والحفاظ عليها وهو الرئيس الفخري للمتتدى العالمي الثالث للمياه ، وله من المواهب العزف على الكمان والفيولا .نتمنى للامبراطور ناروهيتو والشعب الياباني الصديق كل التوفيق ومزيدا من التقدم مع خالص التهاني في الذكرى الاولى من ميلاد الامبراطور الجديد .





 
تابعو الأردن 24 على google news