jo24_banner
jo24_banner

الخبيزة

فارس الحباشنة
جو 24 :

انا شخصيا فطوري المفضل «الخبيزة» وفي كل الاوقات دون حصرية زمنية، وافضلها على كل الاكلات، واذا توفرت الخبيزة فانها تكون ملكة الطعام. تكون الثلاجة و» قائمة المينيو» مزدحمة بالطعام الشرقي والغربي والهندي والمغربي، والايطالي والصيني، ولكن أذا ما رأت عيني الخبيزة فان كل الاطعمة العالمية يبطل مفعولها.
اشعر بالانتعاش والقوة والامل عندما أرى الخبيزة، وعندما أكل الخبيزة. واشعر باني قد قطفتها من ارضها، وان يدي فكت عذريتها من الارض، وأن خصوبتها مذاق العشاق، ومرارتها الخفيفة جرعة من حلاوة الدنيا القاسية.
أي ارض تنتج خبيزة هي طاهرة وصافية وطيبة، وعذبة وعذراء. وهي ارض انتمي اليها، لربما ان الاردنيين لم يرفعوا راية» الخبيزة» رمزا. الجميد والمنسف احتل مكانا متقدمة، وحل ليكون علامة وطنية اردنية.
الخبيزة لا تحتاج الى زراعة متطورة ومعقدة، ووقائية ورعاية بستانية. كل ما في الامر ان تجود السماء في خير مطرها الخصيب والباعث للحياة، ولتعطي الارض ما فيها من مكنون وطاقة وخير لا متناهٍ.
لم يتغنَّ شعراء الاردن بالخبيزة، وصورها لا ترفع في المناسبات والاحتفالات الوطنية، وليست مدرجة وموضوعة على قائمة الاطعمة الشعبية المتزاحمة: المنسف والملوخية والمسخن، والمفتول.
الخبيزة مظلومة، ويمكن لانها طعام الفقراء. فلم تجد الخبيزة نصيرا اجتماعيا وسياسيا ليقف وراء ظهرها ويسندها، ولينقلها الى قوائم التفضيل والمنافسة.
و في الحسبة وسوق الخضار الخبيزة مظلومة، ولا تدرج على قائمة الخضارو الفواكه والحشائش، لربما ان هويتها ما زالت حائرة، وغير مصنفة، وثمة ما يستدعي طبقيا واجتماعيا للانحياز والانتصار للخبيزة.
و حتى الاطعمة برمزيتها الوطنية بلا شك تحتاج مع الزمن الى اعادة تقييم ومراجعة، واعادة تعريف ايضا، وذلك حسب اولويات اجتماعية واقتصادية ومعيشية وغذائية، وصحية ايضا.
فهناك اطعمة كانت مصنفة اجتماعيا بانها شعبية، ولكن مع متغيرات اقتصادية ومعيشية فقد زحفت عاموديا نحو منحنى طبقي ابتعد عن القاع الاجتماعي، وافرز منها اكلات نخبوية وطبقية موسمية.
تعريف الاكلات والطعام أولوية وطنية. ولربما أنه قبل التفكير في تقييم الاجر الاجتماعي، ومعدل الفقر، وتخطيط الاحصاء الرقمي الاجتماعي والاقتصادي فلا بد من تعريف هوية الاكل والشراب اجتماعيا، وحتى لا يتوه الناس، ولا تتداخل وتتصارع الشرائح والطبقات الاجتماعية، وتنزلق المواطنة نحو انحرافات التشوه الطبقي، ولا تعرف من أين تمسك الاردني؟

الدستور

تابعو الأردن 24 على google news