كورونا إيران.. لعنة سياسية.. ام صحية ام أكبر من ذلك.
د.لؤي بواعنة
جو 24 :
كل المظاهر والمؤشرات تدل على أن إيران أصبحت غير قادرة على إدارة ازماتها سواء الداخلية ام الخارجية منها، فهي تتخبط تارة، وتتغافل تارة، وتكابر تارة أخرى وتتحدى في أخرى، ودون تعاون والتفات للمجتمع الدولي البتة وصولا لحلول وسطية معها ، ومتخذة إزا ذلك كله مسارات مغايرة للاتجاه العام إزاء اي من تلك الأزمات ، غير مدركة أن ذلك سيؤول بمجملة لزيادة حجم الدول المصطفة لمعاداتها وسياساتها ، مع علمها وانكارها في الوقت نفسه ان ذلك كله حتما سيقود لفشها وانهيارها في نهاية المطاف. ومع هذا فانها تتجاهل ذلك .وهذا ما يجعل منها دولة خاسرة بالتأكيد لا محال .. مما دعا البعض للاعتقاد أنها تلتقط أنفاسها الأخيرة، سياسيا واقتصاديا، وكذلك في الحفاظ على أمن مواطنيها بجميع نواحيه بلا شك.
تتوالى هي الضربات التي عصفت وتعصف بالنظام السياسي الإيراني خلال السنوات الأخيرة، مما يجعلنا نحكم على مواقفه وسياساته انها بعامة في تراجع دائم و مستمر ،وبالمقابل فانها لا تبدي إلا ضعفا في مواجهة تلك الضربات، بدءا من إلغاء الاتفاق النووي معها، وتراجع نفوذها وسيطرتها في العراق بدليل عدم الرضى الشعبي عن تدخلها، وثالثها موجة الاحتجاجات العارمة والمعارضة لنظامها السياسي" ولاية الفقيه" واجندته في الخارج على حساب الداخل، ورابعها اغتيال قاسم سليماني قائد الحرس الثوري واحد اعمدة النظام الإيراني، وخامسها إسقاط الطائرة الاوكرانية وآخرها انتشار فايروس كورونا في البلاد وفشلها في التصدي له.
ارقاما وحقائق مهولة هي تلك التي نسمعها عن خطر وتفشي فايروس كارونا في الجمهورية الإيرانية. فيكاد يجمع الجميع على أن إيران تأتي في المرتبة الثانية عالميا في انتشار فايروس كورونا بعد الصين، وكذلك الحال في عدد الوفيات المعلنة حتى الآن والبالغة حوالي ٢٣٧ حالة، بالإضافة لوجود ٧ آلاف حالة إصابة حالية، و١٦ الف حالة تحت الفحص، وانتشار الفيروس بين هرم السلطة السياسية والنيل من اعمدة النظام عكس ما يحدث عالميا الذي غالبا ما يصيب عامة الشعب، في حين كانت المفارقة بايران انه طال شخصيات سياسية وعلى راسها: نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة معصومة ابتكار، وحسين محمدي أحد اعضاء مكتب المرشد خامنئي، والنائب السابق محمد رضا تشمني، وفرزاد تذري مؤسس مجلة "صبح صادق" الناطقة باسم ممثل الولي الفقيه المرشد الأعلى في الحرس الثوري، وعدد من النواب وغيرهم الكثيرين. مما يكشف أن الإجراءات الوقائية المتخذة ضعيفة للغاية أو انها لا تفي بحجم الكارثة وخطورتها ، كما أنه يكشف عن وعدم وجود استراتيجية فاعلة للوقاية من هذا الداء بدليل انتشار وفتكه بالكثيرين.
من المؤسف جدا أن فيروس كورونا بات منتشرا بشكل واسع في إيران، وبمساحة تمتد لتصل لحوالي ال ٣١ محافظة إيرانية. وقد أبدت السلطات الإيرانية ضعفا واضحا في البداية في التعامل مع انتشار الفيروس، أو استهتار وعدم جدية واضحة ظنا منهم انه لن ينتشر ، وسيتمكنوا من حصره والقضاء عليه، مما قاد البلاد لما هي عليه الآن من كارثة محققة .ويعود ذلك الانتشار للعديد من الأسباب في مقدمتها، عدم وضع مدينة "قم" تحت الحجر الصحي التي تتواجد بها المزارات والحوزات الدينية التي يقصدها ملايين الشيعة حول العالم سنويا، والتي انتشر فيها الفيروس اولا ، وعدم الكشف المبكر عن الوباء وضعف المستلزمات للفحوصات الطبية وقلة المختبرات الطبية اللازمة لذلك، ومحاولة السلطات إخفاء الأرقام الحقيقية والتعتيم عليها. وعدم تعاون السلطات مع المنظمات الطبية مما قاد لانتقادات دولية صوبها.
ومن الأمانة الإشارة إلى جملة الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات الإيرانية للوقاية من هذا الوباء ومنع انتشاره، ومنها إغلاق المدارس والمراكز التعليمية الكبرى والجامعات مؤقتا ، والقيام بتطهير الأماكن العامة لمنع انتشار الفيروس فيها، وإخراج السجناء وعددهم سبعين ألفا لمنع الاختلاط، وتعليق الرحلات الجوية مع بعض الدول . بالاضافة لاشراك الحرس الثوري في التصدي للوباء بالتشارك مع وزارة الصحة، وفي روايات أخرى إسناد الأمر للحرس الثوري وحده، ولكن يبدو أن ذلك كله جاء بعد فوات الأوان لانتشار الفيروس بشدة.
لم تستبعد إيران كعادتها نظرية المؤامرة ضدها من قبل اعدائها وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بهذا الوباء الذي تفشى بين ابناءهاوسياسيها وكاد ان يدمرها . فقد اعتبرت نفسها تواجه هجوما بيلوجيا يستهدف الصين وايران ، وهي بدورها تخوض حربا ضد فيروس كورونا.. كما انها لم تخفي اتهاماتها للولايات المتحدة الأمريكية معتبرة ان سبب تفشي المرض يعود للعقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية، ومنعها من دخول المستلزمات واللقاحات الضرورية للمرض، رافضة يد المساعدة المعروضة عليها من الامريكان. لكن السؤال الابرز الذي يطرح نفسه أمام النظام السياسي الإيراني، هل يمكن لهذا الوباء، ان يكون عقابا، مسلطا على هذا النظام السياسي، ودعوة له لمراجعة نفسه من حيث غلوه وملفاته واجندته، ومعتقداته، ومواقفه من تيارات ومذاهب بعينها وخاصة" السنة" منها. حيث تطاوله و تماديه في سلوكياته وسياساته وافكاره واحقاده عليها وضدها منذ زمن عمر بن الخطاب،وابو لؤلؤة المجوسي، وابو مسلم الخرساني، وظهور الحركة الشعوبية في فترة من فترات تاريخها، التي تبغض العرب وتفضل العجم، وغيرها الكثير . وفي النهاية نسأل الله العفو والعافية والشفاء العاجل للجميع من هذا الوباء القاتل بما فيهم الشعب الإيراني.. الذي يرفض سياسة بلاده وساسته وصولا لحلمه بالحرية والديمقراطية والحياة الآمنة بعيش كريم . لكن دون جدوى تذكر على أرض الواقع...
.