حظر تجول.. لا تترك أخاك في عتمة الجائحة
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية_ جائحة صحية تجتاح العالم بأسره، لتحصد أرواح ما يزيد على الثلاثين ألف إنسان، وتغرق المستشفيات بأعداد هائلة من المرضى، حتى انهار القطاع الصحي في عدة دول، وأسلمت حكوماتها أمرها إلى رب السماء!
أمام هذه الكارثة التي تهيمن على البشرية، يقف الأردن بإمكانياته المحدودة، في محاولة باسلة للنجاة، والعبور إلى بر الأمان، حيث يلتحم الشعب والحكومة، لتقديم أنموذج استثنائي، لكافة سكان هذه المعمورة.. بكل إيمان يمضي الأردنيون واثقين بقدرتهم على الخلاص، مهما اشتدت وطأة هذه اللعنة.
ولكن كيف ولماذا يؤمن أبناء الشعب الأردني بحتمية إنقاذ الوطن من وباء هز أركان الكوكب، وسلم الملايين إلى مخالب اليأس؟! كلمة واحدة هي أحجية العبور، التي آمن بها أبناء الشعب.. إنها التكافل.
التكافل الإجتماعي، والإيخاء، والمساواة.. مصطلحات ترددها كثير من الأمم، ولكن وقع هذه الكلمات على أذن السامع الأردني مختلف تماما، فدلالاتها ضاربة في أعماق الثقافة الأردنية ووجدانها.
في بلد النشامى تعد النخوة هي الوتين الوطني، الذي يصل أهداب عمان بجبين الكرك، وجدائل السلط، وعيون جلعاد، ليكون التكاتف بأبهى صوره الإنسانية، شريانا واحدا يغذي أوصال كل جزء في هذا الوطن.
صحيح أن للأزمة أبعادا اقتصادية خطيرة، تعجز عن مواجهتها حتى دول ما يسمى بالعالم المتقدم، ولكن حتما لن يمون إنسان في بلد الأردن، الذي يوصف أهله الطيبين، ببساطة واختصار، بأهل الخير.
كثير من الأسر العفيفة ساءت أحوالها بعد الأزمة التي تسبب بها هذا الوباء، وكثير من عمال المياومة، والعاملين في القطاع غير المنظم، أغلقت في وجوههم مصادر الرزق، في ظل حظر التجول، ولكن أهل الخير، يعلمون تماما أن أبواب الرحمن لا تغلق في وجه أحد، وهم قادرون على مساندة بعضهم البعض بكل ما تمتلكه الإنسانية من قيم ومشاعر النبل والإيخاء.
هذه دعوة لنثبت ما نباهي به الأمم، من قيم وأخلاق مستمدة من تعاليم ديننا الحنيف، وجذور ثقافتنا الراسخة في مهجة الأرض.. لنثبت قبل أي شي آخر أننا أردنيون.
قدمنا أنموذجا بالغ الرقي في التعبير عن تلاحم الشعب ومختلف مؤسسات الدولة، عبر التزام واعي وانضباط ليس له مثيل، لم تشذ عنهما سوى قلة لا تستحق الذكر.. ولكن الأكثر عمقا ووجدانية هو أن نقدم ذات الأنموذج في سياق تكاتفنا معا، كالبنيان المرصوص، الذي لا يمكن لأي من أركانه التداعي إلى جوف البؤس والجوع، في بلد النشامى.
يقول فكتور هوجو، صاحب رائعة "البؤساء": جميع النساء قد يلدن الذكور، ولكن المواقف وحدها من تلد الرجال. في ظل هذه الأزمة التي فرضت شبح البؤس علينا كما فرضته على العالم، سيثبت الأردن حتما أنه بلد الرجال، فلا يمكن للنوم أن يتسلل إلى مقلة نشمي أو نشمية، وهنالك من هو جائع بسبب حظر التجول.
هذه مناسبة لنمسح الهم والكرب عن صدر كل من ضاقت به السبل، وعجز عن تأمين قوت عياله بسبب الظرف الراهن، لنقول له لا تحزن.. الأردن كل الأردن معك. الرهان معقود على أبناء هذا الشعب، لإطلاق كافة المبادرات، التي من شأنها تلبية حاجة كل محروم، فلا عاش الجوع في أرض الرجال!