jo24_banner
jo24_banner

دلع الأثرياء.. امتطاء الأزمة والتنكر لإحسان الدولة!

دلع الأثرياء.. امتطاء الأزمة والتنكر لإحسان الدولة!
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - الطبقة الثرية، التي أكلت من خيرات الوطن حتى التخمة، واستثمرت في بيئة "جاذبة" قدمتها الدولة الأردنية على طبق من ذهب، عبر تسهيلات استثنائية، مكنت هذه الطبقة من مراكمة دسم الأرباح، تنأى اليوم بنفسها عن مسؤوليتها الوطنية، وتتخلى عن واجبها تجاه الدولة، التي طالما صبت قراراتها في خدمة رأس المال.

صحيح أن بعض المؤسسات الوطنية أدركت جزء من مسؤولياتها وواجباتها، وقدمت للدولة ما تيسر من تبرعات، تساعد على مواجهة جائحة الكورونا، ولكن البعض الآخر من المؤسسات، التي تدعي الوطنية بنفس برجوازي، دفنت رأسها في رمال مصالحها الخاصة، وتخلت عن الدولة التي طالما مدت لها يد الإحسان بلا مقابل. وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل وصل بأصحاب مثل تلك المؤسسات إلى محاولة ركوب الموجة، واستثمار الجائحة لتسويق أنفسهم.

أحد جلاوزة رؤوس الأموال، واستثمار القطاع الخدمي، قال إن "التنظير علم"، وأطل عبر شاشات الإعلام بتحليلات وتنبؤات مستقبلية، طارحا ذاته، في سياق تسويقي يستند إلى استثمار الأزمة، على أنه منظر ومفكر وفيلسوف قادر على قراءة المستقبل.. وعندما تطرق الحديث إلى مسألة التبرعات، صرخ بالقول "ما عندي فلوس"، مبررا ذلك بأن مؤسساته خدمية، لا تنتج سلعة مادية.. وكأننا مازلنا نعيش في فجر الثورة الصناعية، أو في عصر المانيفاكتورة!

بعيدا عن حقيقة أن القطاع الخدمي يمكن من مراكمة أرباح تفوق ما تحققه بعض الصناعات بأضعاف، وبعيدا عن حجم الملايين التي مكنت البيئة الاستثمارية في الأردن أصحاب رؤوس الأموال من تكديسها، ما هو مبرر استغلال هذه الجائحة، لتسويق الذات؟ الأردن ليس بحاجة الآن إلى منظرين سياسيين أو فلاسفة ومفكرين، بل هو بحاجة إلى من يقف إلى جانب الدولة، ويساندها في هذا الظرف الحرج. التنظير يتقنه أصغر حزبي يرتاد مقاهي جبل اللويبدة.. ما تحتاجه الدولة اليوم هو أفعال لا أقوال.. فمن كان يؤمن بالوطن، فليعمل خيرا، أو ليصمت!

ولا ننسى أن الدولة الأردنية قدمت منجم ذهب لأحد أبناء هذه الطبقة، عبر تمكينه من احتكار خدمة إعادة بدل ضريبة المبيعات إلى زوار المملكة أثناء مغادرتهم من المطار، ليحصل على نسبة دسمة عند استيفاء هذه المبالغ من الدولة.. منجم ذهب مفتوح لمراكمة الربح قدمته الدولة دون مقابل، فهل هكذا يكون رد الجميل؟!

الأردن يواجه جائحة تهز كبرى دول العالم، والكل الآن أمام مرآة تفرز معادن الناس، وتمايز بينها، وذاكرة الشعوب حية لا يمكنها النسيان، فعلى من لا يبالي سوى بمصلحته الشخصية أن يتوقف على الأقل عن التنظير، ومحاولة استثمار هذا الظرف الحرج!

في ظل قوانين الطوارئ والدفاع، تستطيع أية دولة، مهما كانت محابية للقطاع الخاص، فرض مستحقات مالية إلزامية على رؤوس الأموال.. الدولة الأردنية لم تفعل ذلك، واكتفت بقبول التبرعات، علما بأن هذه التبرعات ستعود إلى أصحابها عبر الإعفاءات والتسهيلات الضريبية.. أمام هذا الإحسان ليس من اللائق أبدا أن يحاول أحد الأثرياء امتطاء الأزمة لتسويق ذاته، وتصوير مؤسسته على أنها في موقف يسمح لها بالمن والتنظير!

حتى إذا ما استثنينا قوانين الطوارئ، لا ننسى أن في كافة دول العالم، التي تراعي أدنى شروط العدالة الإجتماعية، تفرض على الأثرياء ضرائب دسمة، لا يسمح حجمها لأولئك الأثرياء في الأردن بمراكمة فائض القيمة، وتكديس الملايين، مثلما أتاحت لهم الدولة الأردنية!
 
تابعو الأردن 24 على google news