في ظل حظر التجول.. مزارعون في مهب الضياع!
جو 24 :
تامر خورما - عام كامل، يبذل فيه المزارع كل جهد ممكن، مكافحا الآفات، وشح المياه، وتقلبات الأحوال الجوية التي تفرضها تداعيات الاحتباس الحراري، غارسا كل ما يمكن اعتصاره من أمل، بين حبات التراب، ليتنظر بلهفة، لا يمكن تخيلها، موسم القطاف الموعود.
اليوم جاء موسم القطاف مرتعدا على غير عادته، متخما بالمخاوف وقشعريرة الترقب. جائحة كونية تهدد العالم بأسره، ولا تستثني منه الأردن، الذي لم يشفع له شح موارده، أمام هذه الطفرة الوبائية.. فما العمل؟
المزارع أيضا يحتاج لحماية أمنه الصحي، واتباع كافة الإجراءات الوقائية، التي تستوجب الالتزام الواعي بقرارات وتدابير الدفاع، التي أعلنتها الحكومة، للسيطرة على جائحة الكورونا، والحيلولة دون تفشي وانتشار المرض.. ولكن لماذا الآن؟ لماذا لا يختار هذا الكوڤيد_19 من بين كل أيام وشهور السنة سوى موسم القطاف؟
قدر الله ما شاء فعل، يسلم المزارع أمره بانتظار فرج ما، أو تدابير خاصة تمكنه من حماية تعب سنة كاملة من الضياع.. الجوع سيكون هو المصير الحتمي، ليس للمزارع فحسب، في حال الفشل بإيجاد حلول عملية، تضمن استمرار الإجراءات الإحترازية، دون أن يتناقض هذا مع ديمومة الإنتاج الغذائي، وتمكين المزارع من قطافه.
وزير الزراعة، م. ابراهيم الشحاحدة، سبق وأن أكد للأردن 24 أن سيتم منح تصاريح التنقل للمزارعين، وكذلك لمربي الماشية، لاستمرار الإنتاج، وتأمين الأسواق بحاجتها من السلع الغذائية، في ظل حظر التجول.
ولكن الشحاحده استدرك بالقول إن هذه التصاريح لن تكون مفتوحة على الغارب.. في النتيجة تم فعلا تأمين السوق المحلي ببعض السلع، بيد أن كثيرا من المنتجات الزراعية مازالت غير متوفرة بما يلبي الطلب عليها، ما أسهم، إلى جانب عوامل أخرى، في بدء انتشار وباء السوق السوداء.
التدابير الاستثنائية لم تحقق بعد الدرجة الكافية من التوازن المطلوب، بين الوقاية والإنتاج الزراعي. شكاوى المزارعين مازالت مستمرة، وكثير منهم لايزال عاجزا عن القطاف، كما أن عددا لا بأس به من السلع يواصل غيابه عن السوق المحلي.
آلية منح التصاريح تحتاج إلى قليل من التطوير والتشذيب، للوصول إلى الصيغة المثلى من أجل تحقيق التوازن المطلوب. الجهود الحكومية الاستثنائية مازالت مستمرة أيضا، ولكن سيرورة العمل تحتاج إلى التحديث الدائم المستمر، فلا يمكن خلق صيغة نهائية من العدم، وفي هذا الإطار يأتي طرح هذه الملاحظات.
رئيس لجنة استمرارية العمل الحكومية، وزير العمل نضال البطاينة، كان قد قال في تصريحات سابقة للأردن 24 إن التقديم للحصول على تصاريح، لكافة القطاعات، سيكون الكترونيا فقط. بصراحة، هذا الإجراء قد يحتاج هذا إلى استثناء خاص للقطاع الزراعي، فالمزارع البسيط ليس شركة يمكنها إدارة أعمالها بالتنسيق مع الحكومة الإلكترونية.
كما أضاف البطاينة في تلك التصريحات إن آلية الحصول على التصاريح تتضمن قيام الوزارات والدوائر الرسمية برفع قوائم مستحقي تصاريح الخروج إلى وزارة الريادة والاقتصاد الرقمي، بعد مطابقة البيانات تمهيدا لمنحهم التصاريح.. وهنا نعود إلى المربع الأول، حيث الحلقة المفقودة، التي تؤدي إلى إقصاء المزارع البسيط، الذي قد لا يكون اسمه مدرجا في القوائم والبيانات.
نضع هذه القضية بين يدي الحكومة، التي لم تترك فرصة إلا وأكدت فيها تمسكها بحماية القطاع الخاص، والحيلولة دون الإضرار بمصالحه، لنتساءل: وماذا عن ملح الأرض، أبناء الحراثين؟!