jo24_banner
jo24_banner

تصريحات المجالي.. دعوة صريحة للردة واستثمار غير موفق للوباء

تصريحات المجالي.. دعوة صريحة للردة واستثمار غير موفق للوباء
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - الحالة الاستثنائية التي نسجها الأردن بتكاتف كافة أطياف وشرائح الشعب، والحكومة، والجيش، والأجهزة الأمنية، لتقديم أنموذج مثالي للوحدة الوطنية بأسمى تجلياتها، لم تمنع البعض -مع الأسف- من التغريد خارج سرب هذا الإطار الوحدوي المتناغم، عبر تصريحات تقذف جزافا في غير وقتها، ودون مناسبة.

تصريحات غريبة وغير مفهومة، تلك التي صدرت عن وزير الداخلية الأسبق، حسين المجالي، في مقابلة تلفزيونية، حيث لعب الرجل دور "المبشر" بعودة الأحكام العرفية، في ظل هذه الجائحة التي تخيم على البشرية بأسرها، وقد اختار هذا الوقت بالتحديد، للإدلاء بتلك التصريحات، أو الرغبات، على ما يبدو!

المصيبة لم تقتصر على التوقيت الذي اختاره المجالي لبث تصريحات الارتداد إلى مرحلة الأحكام العرفية، بل تجاوزتها إلى اختيار منبر إعلامي رسمي، لإيهام الرأي العام بأن الردة قادمة لا محالة، كما يتمنى أصحاب الفكر الماضوي.

متأهبون على مقاعد الإحتياط، ينتظرون بلهفة فرصة الانقضاض على الساحة مجددا، والعودة إلى مواقع صنع القرار، رغم فشل تجاربهم السابقة.. في هذا الإطار جاءت تلك التصريحات عبر تلفزيون رسمي، في محاولة يائسة للعودة بالزمن إلى الوراء.. ولكن هل فعلا تقع هذه "الأحلام" في دائرة الممكن أو المعقول؟!

الطفرة الوبائية التي يشهدها العالم اليوم، كان لها إيجابية يتيمة، بالنسبة للشأن الداخلي الأردني، حيث حملت الحكومة على المضي بأداء استثنائي جعل جميع الفئات الشعبية تلتف حولها، ما أدى إلى خلق هذه الحالة الفريدة، التي عجزت عن بلوغها أعرق الشعوب، وكبرى حكومات "العالم المتقدم".. وأمام هذا الأنموذج التقدمي الحضاري الذي قدمته المملكة، يطل علينا الرجل بتلك التصريحات المجترة من كهوف العصور الظلامية؟!

لماذا؟! سؤال يفرض نفسه بشدة في مواجهة تصريحات المجالي.. لماذا الآن؟ وما هو مبرر ودوافع الدعوة إلى الارتداد إلى عصور بائدة، وصيغ عفى عليها الزمن؟! هل باتت هذه اللحمة الوطنية مزعجة للجنرال، الذي طالما حاول عبر عهده الزائل، فرض العقلية الأمنية التي لا تعرف المرونة، في أكثر من محطة؟ أم هل كان طموح العودة إلى مواقع صنع القرار هو الدافع لإطلاق هذه "الدعوة"؟ وهل حقا يمكن للعقلية القديمة أن تجد مساحة لها في هذا الأنموذج المتقدم؟!

أسئلة كثيرة كان على المجالي أن يطرحها على نفسه، قبل الإدلاء بتصريحات تعكس تلك التصورات الماضوية. حكومة الرزاز لنا ألف ملاحظة عليها، وألف ألف مأخذ، لكن لا يستطيع أي شخص إنكار التقدم الرائع، الذي حققته هذه الحكومة، (باستثناء وزيرين لفظا نفسيهما خارج ركب التقدم) خلال الأسابيع القليلة الماضية، فهل حقا يمكن بعد كل هذا، أن يحاول البعض تسويق ذاته كبديل عرفي، طارحا اجترار تجارب وتصورات أثبتت فشلها الذريع؟!

قانون الدفاع صدر لغاية واحدة لا ثاني لها: وهي احتواء الوباء، والقضاء عليه، وقد أكدت الحكومة مرارا وتكرارا، على مسألتين جوهريتين لن تمسهما هذه الإجراءات الاستثنائية: الحريات العامة، والقطاع الخاص. أما محاولة استثمار الظرف الراهن، من أجل الارتداد آلاف السنوات الضوئية إلى الوراء، فهي محاولة غير موفقة على الإطلاق، بل ومرفوضة شعبيا ورسميا ومنطقيا!

الأردن يمر في ظرف ليس بالسهل، ولكنه ماض بكل عزم نحو تحقيق ما بعد المستحيل، ولا مجال اليوم إطلاقا للارتداد إلى الوراء خطوة واحدة، فمن كان يؤمن بالأردن وشعبه، فليقل خيرا أو ليصمت!
 
تابعو الأردن 24 على google news