هواة اللمعان في ظلال الكورونا والطمع في رواتب الناس!
جو 24 :
تامر خورما_ التنظير لأجل التنظير.. حرفة تستهوي كثيرين من عشاق لفت الانتباه، واستقطاب الأضواء، الذين لا تدرك مخيلتهم الجمعية أبعاد التفكير خارج إطار صندوق اجترار "الكلاشيهات"، وإعادة مضغ "الحلول" المعلبة، العصية على الهضم!
ظلال جائحة الكورونا التي تخيم على العالم اليوم، باتت بيئة مناسبة لنمو وتكاثر مثل هذه "الحلول"، التي يعمد إلى ترديدها كل من يبحث عن شهرة أو منصب ما، معبرا، من خلال اجترار الوصفات الجاهزة، عن هوس قاتل بالأضواء، خوفا من عتمة الخواء!
من "الحلول" المعلبة التي يطرحها الراغبون "باللمعان" في ظلال الكورونا، تخفيض رواتب العاملين بالقطاعين العام والخاص، بل وحتى رواتب المتقاعدين، بذريعة تخفيف وطأة التداعيات الاقتصادية للجائحة، وتخفيف الأعباء عن خزينة الدولة!
مثل هذا الطرح الذي يعكس استهتارا فاضحا، واستخفافا كارثيا بحق الغالبية العظمى من الناس بالعيش الكريم، يعبر أيضا عن الانحياز الطبقي المتطرف لفئة الأقلية، التي تمتلك من الثروات ما يكفيها للنجاة من ألف جائحة ووباء، بالإضافة إلى تعبيره عن حاجة صاحبة للرقص على حبال تسويق الذات، في عتمة الافتقار إلى أي طرح ينسجم، على الأقل، مع الحس السليم.
هذا الانحياز لخلية إدارة مصالح الأقلية المحتكرة لمفاتيح صنع القرار، التي تستحوذ على رأس المال، مسألة متوقعة، وبديهية، لسلوك أتباع النفعية المجردة، من أية قيمة لا تحقق المصلحة الشخصية بشكل مباشر، فأقلام النفعية تميل، حيث يميل السيد المهيمن..
طبعا لا يحاول عشاق الصيد في عتمة الوباء، بسبب اصطفافهم الطبقي النفعي، التطرق إلى حلول حقيقية وجذرية، كفرض ضريبة طوارئ على حيتان الاستثمار، وجلاوزة رأس المال الأجنبي، الذين راكموا الثروات لعقود طويلة على حساب الغلابى.. لذا يوجهون سهامهم إلى جيوب مثقلة بالفواتير، وسندات الدين، مستهدفين بأقلامهم غالبية الفئات الشعبية المسحوقة، عبر التحريض على قضم الرواتب..
التطرف في هذا الانحياز الأعمى للسيد المهيمن، عبر عنه البعض أيضا بسن أقلامهم لمهاجمة المطالبات بتحميل جلاوزة رأس المال العبء الأكبر، عبر الاقتطاع من أموالهم وثرواتهم ما يمكن الدولة، التي منحتهم إمكانية مراكمة هذه الثروات، من تجاوز الأزمة، وتخفيف وطأة تداعياتها الاقتصادية.. وهكذا يستمر دوران الأقلام النفعية حول فلك "الحلول" الماضوية، عبر استهداف الفتات، الذي تعيش عليه الأغلبية الساحقة!
العاملون في القطاعين العام والخاص ليسوا في إجازة مفتوحة، اختاروها بمحض إرادتهم.. وليس من العدل أن يعني الالتزام بأوامر الدفاع إفقار الغالبية العظمى من الشعب.. اللجوء إلى عصا الجباية "السحرية" عند كل مطب اقتصادي، بات لعبة سمجة، واضحة النتائج غير المجدية.
ليس المطلوب من الدولة حماية الحيتان، ومحاولة إثبات صحة الانحرافات النيوليبرالية، على قاعدة "عنزة ولو طارت".. بل إن واجب الدولة، ومبرر وجودها في آن، هو حماية مواطنيها، والدفاع عن أمنهم الاجتماعي، بذات القدر الذي تدافع فيه الآن عن أمنهم الصحي.
تخفيض رواتب الناس لن ينجو بالاقتصاد الوطني من تداعيات الجائحة، وهنالك ألف بديل وبديل، خارج صندوق الجباية، واستهداف حقوق الأغلبية.. ولكن هواة "اللمعان" في ظلال الكورونا، لا يفكرون خارج عباءة انحيازاتهم المتطرفة!