jo24_banner
jo24_banner

كورونا ورمضان و التلفزيون

فارس الحباشنة
جو 24 :

ابن حزم الاندلسي يقول : ان اعوجاج اللسان من اعوجاج الحال ، فما بالكم يا رعاكم الله أن انفلت اللسان ؟ الشاشات العربية متخمة بمسلسلات وبرامج ترفيهية ، وتسابق وسط خريطة مرتبكة و شاشات مغلفة بأدعية و تحذيرات كورونية لنيل رضا الجمهور . فصناع الدراما والاعلام الرمضاني لم يفكروا بماذا اصاب المواطن العربي من هلع وخوف جراء كورونا .

برامج الترفيه و التسلية تبث ، وكأن كورونا لم تصل بعد . و العمل الخيري على الشاشات المحلية والعربية مضروب ببعض الادعية الموسمية لحث المواطنين على فعل الخير و العمل الاجتماعي .

رمضان بطبيعة الحال مناسبة لفعل الخير ، فما بالكم في زمن كورونا ؟ الفقراء ، ماذا أصابهم من كورونا غير فتات الفتات من ثروات الاغنياء من اعمال خير ، لا توزع الا تحت أعين كاميرات الاعلام .

الغني لا يحس بواجب اخلاقي وانساني وديني نحو الفقير، انما احساس بالشفقة ، وينظر اليه كمتسول ، و جسرا ليعبر من خلاله الى الجنة . قبل رمضان ، كانت كورونا وما زالت فرصة لتخفيف الاحتقان الاجتماعي ، وما هذا ما حصل .

في ازمة كورونا اللعنة لاحقت اصحاب المال و الثروات السهلة و المشبوهة . وما لم تنتهِ اليه كورونا بان لعنتها الخبيثة لم تصب خزائن ثروات اهل المال . خريطة الدراما و الاعلام في رمضان لهذا العام من اول اطلالتها تبدو فاشلة .

على شاشة عربية يبث برنامج ترفيهي مرعب و سخيف يقدمه فنان مصري. البرنامج كل رمضان يزداد انحطاطا و ينتج القائمون عليه فكرة اشد ابتذالا واستخفافا و استهبالا لعقول المشاهدين .

مقدم البرنامج ينتعش على رعب واخافة الاخرين ، و ينطق بعبارات غير لائقة ومهذبة وسوقية . و ينظر بعدائية ودموية الى الضيف ، وكأنه فريسة . و ينتافس على الفجاجة ، والرعب و الكلام البذيء هو عنصر الجذب الوحيد في سوق الامتاع في رمضان الكوروني .

الشاشة في رمضان مسرح لصراعات سياسية . بعض الدراما الخليجية عكست مرآة مجتمعات النفط الجديدة . وكيف تنظر الى اسرائيل والاخوة العرب ؟ ووجهت رسائل مشفرة دراميا حول التحول و التغيير الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي يصيب مجتمعات الخليج .

الشاشة العربية في رمضان لم تغادر مراهقتها . وفشلت في انتاج الترفهي في زمن كورونا ، ولم تبنِ جسورا متينة مع مواطن يعيش يوميات من العزلة والحظر جراء كورونا و هلع وخوف شديد من فايروس ، و فقر و تهميش و ظرف معيشي مدقع يصيب حال الناس .

ولربما هذه من علامات انهيار و فشل الاعلام في وقت الازمات والمحن . فما يشغل بال الناس في المحجورين في بيوتهم اكثر اهتماما من اطلالة لبرامج ترفيهية وحاورية سخيفة وتافهة ، ولربما انها تقود المشاهد الى الاصابة بكآبة وملل و هستيريا اشد من كورونا نفسها .

فالمواطن أكثر ما يشعر باختناق الحياة كلما جلس امام التلفزيون ، فما بالكم في زمن كورونا ؟

تابعو الأردن 24 على google news