الكراسي بحاجة إلى صيانة
د. اياد النسور
جو 24 :
سياسة استرضاء واستغفال للشعب استمرت على مدار وجود الدولة الأردنية ، مارسها العديد من القيادات الأردنية بقصد او بغير قصد ، عن سوء نية أو حسن نية واستهبال. كل تعيين جديد في منصب قيادي له حساباته الخاصة التي تبتعد عن المصلحة العامة للدولة وماذا يمكن أن يقدم للمؤسسة حتى يرقى بها ويرتفع بمستواها.
كل وزير جديد له جماعته ، وهو مؤمن بقدراته الخارقة وقدرته على ابتكار فنون جديدة في الإدارة والاقتصاد ، ولكن في النتيجة اتلاف وتدمير ما أنجز قبله ، وتستمر الحلقة حتى وصلنا إلى مرحلة اللاشيء من الإنجاز والمزيد من التخبط ، وبات تزفيت شارع او صيانة ماسورة صرف صحي انجاز وتقدم ، بل أن الفراغ في السلطة والذي نجده كثيراً في مؤسساتنا عند استقالة أو تقاعد مسؤول معين كان واضحا بسبب لذلك.
على مدار سنوات مضت حدث بل اصطنع كل شيء لتهميش العقول والأدمغة ، واستخدمت سياسة التنفيع والاسترضاء ، وأصبحت القدرة على انتزاع منصب ما مرتبط بظهر أو سند قوي ، ولا يرتبط بأية معايير للكفاءة أو الأهلية أو الاحترافية ، حتى أصبح الكل يتندر على حملة الشهادات ، ولا مشكلة في ذلك لأن من يتندر استند إلى خبرته ومعرفته أو اختلاطه بنوعية معينة من هذه المؤهلات التي تحمل شهادات فقط .فلا ضير أننا وجدنا أن كل ناجح يحارب من مديره ومؤسسته وأصبح قانون اللخمة المدنية ، قانون تنفيعي يصب في مصلحة طبقة معينة ونوعية معينة من الموظفين وخاصة الإدارات العليا في المؤسسات والدوائر الحكومية ، ولا يسمح لغيرهم من خارج العلبة الدخول والمنافسة.
وصلنا آخر المطاف إلى مستقر حكومة النهضة التي استغلت تعاطف الشعب ومساندته لقيادته ولدولته ، ورسخت أسس التنفيع والمصلحة في جميع قرارتها وسياستها التي أدعت أنها لغايات التطوير والتحسين . فهي لم تكن في واقع الأمر أكثر من إبر تخدير تمهد لتأسيس لوبيات وشللية تخدم وجود الرزاز لاطول فترة ممكنة في الدوار الرابع ، ولذلك كان قد ركز في طابع تعييناته على معيار الصداقة بشكل خاص.
الآثار الإدارية و الاقتصادية التي خلفتها حكومة الدوار الرابع ، على الرغم من المليارات التي جنتها جراء أزمة كورونا من رسوم وتبرعات وقروض ومنح دولية ، فهي لم تنعكس قيد أنملة على الوضع الاقتصادي المتردي أصلاً . ولغاية الأن ونحن على أعتاب مرحلة جديدة بعد كورونا ، لا زالت سياستنا الاقتصادية خجولة محدودة الرؤى وغير واضحة المعالم ، وكل ما نشاهده يعتبر إجراءات ترقيعية قصيرة الأثر تخلو من الخطط والاستراتيجيات المؤسسية الثابتة والتي تستطيع على أقل تقدير تصفير عداد التراجع أو الاقتراب منه .
تراكم الموارد البشرية في الحكومة كان كمياً أكثر من أن يكون نوعياً ، ولذلك في المحصلة فإن الضعف الواضح في الخبرات الإدارية المتاحة وعدم نضوج القرارات الإدارية والاقتصادية كان عنوان المرحلة . حديث البلد سيكون مختلفاً لو لا قدر الله وصل عدد المصابين إلى الآلاف ، والشكر للقطاع الصحي وطواقمه الصحية ، على الرغم من محاولة الوزير الاستئثار بالانجاز لوحده والاعتقاد بصعوده إلى سلم النجاح بقدراته الشخصية التي لم تتجاوز مدة سنتين في القطاع الطبي العام .
وكل عام وانتم بخير ..........