jo24_banner
jo24_banner

هل يفعلها جلالة الملك مع إسرائيل وامريكا

د.لؤي بواعنة
جو 24 :
 
 نكاد نكون متيقنين او غير مجانبين للحقيقة ان قلنا واعلنا بأن معظم الساسة الامريكان لم يكونوا في يوما من الأيام وطوال عهودهم التاريخية منحازين اوحريصين كل الحرص على الأمن الوطني الأردني، وليس الأردني فحسب بل لمعظم الدولة عربية ، إلا إن كان لها مصلحة ذاتية في ذلك لها ليس اكثر، أو لربيبتها إسرائيل، على الرغم من العلاقات التاريخية الودية التي تربطنا بها منذ بدايات القرن المنصرم. إن هذا الأمر يدعونا للتفكير جديا باعادة تقييم ودراسة تلك العلاقة معها ومعهم على أسس جديده، تتمثل برفض الاستمرار في التعامل والاصغاء لسياسة المخادعة والازدواجية لتلك الدولة التي تتسلح بشعارات الديمقراطية الزائفة والتي أصبحت معروفة للجاهل قبل العالم، والتي كرستها بممارساتها كثيرة أبرزها وآخرها تلك المتعلقة بصفقة القرن وتجسيد تنفيذ بنود وآلية تلك الصفقة. مظهرة بتلك السياسة استخفافا بالعرب، وهضما لحقوقهم وطموحاتها باسم الدبلوماسية وحرصها على الشرعية الدولية، ولكنها في باطنها وحقيقتها أمرها وقراراتها تعكس خلاف ذلك بما تكنه وتبرزه وتسلكه من انحياز لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

لقد بدا الموقف الأمريكي الرسمي مؤخرا شاهدا حيا على تلك السياسة( الترامبية) المنحازة للكيان الصهيوني، والتي كانت اكثر تخاذلا وانهزاميا وعنصرية إثر تعقيبها وردها الدبلوماسي المبطن و البعيد عن الواقع على موقف جلالة الملك عبدالله الثاني وتصريحه لمجلة دير شبيغل الألمانية الرافض لعملية ضم أجزاء من الضفة الغربية لارض دولة إسرائيل وهو ما عرف مؤخرا بضم الغور الأردني من خلال تلويحه وتصريحه بأن قرار الضم الذي تخطط له حكومة نتنياهو قرار غير مقبول ومخالف لقرارات الشرعية الدولية. والأمر الأهم انه يشكل خطرا وتهديد صريحا للأمن الوطني الاردني باشارته انه اذا استمرت في خطتها تلك فانها ستدخل في صدام مع الأردن. وجاء ذلك الرد الأمريكي على الرفص الملكي الصريح بالقول على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكي مورغان اورتاغوس : "نتفهم تماما أن الملك عبر هما يقلقه اليوم". والرد الأخطر لنفس المتحدث نقلا عن وزير الخارجية الأمريكي بومبيو "ان عملية الضم هي شأن إسرائيل". وفي هذا انحياز سياسي واضح بل فيه محاولة للتقليل من خطر الضم على الأردن،لأنه من وجهة نظرهم متعلق بشأن فلسطيني إسرائيلي فقط . والأمر الأهم بالنسبة لهم لانه فيه مصلحة إسرائيلية ومباركة أمريكية. وعليه يمكن القول ليس مستغربا بل بأنه شيء، طبيعي ان يبدو الموقف الأمريكي على هذا الشكل السلبي والمتردي والمستخف بمصلحة اي دولة خدمة لدولة اسرائيل، إلا يدعونا هذا الأمر نحن كدولة متضررة من ذلك القرار لمكاشفة الولايات المتحدة حتى وان كانت دولة عظمى!! وحتى وان كانت خسارتنا من وراء تلك المكاشفة معها عظيمة ، لأن خسارة الأمن الوطني أعظم بكثير مما بتوقعه الامريكان.

من المسلم به أن الأردن كدولة كانت وما زالت ملتزمة بالاتفاقيات الدولية الموقعة مع جميع دول العالم، ومنها الاتفاقية الموقعة مع الكيان الصهيوني إسرائيل والمعروفة باتفاقية وادي عربة . ومن المعروف دوليا أيضا عن الأردن بأنها دولة تمتاز باحترامها لمعاهداتها وسمعتها والتزامها بسياسة خارجية متزنةمن خلالة محافظتها على حسن الجوار حتى مع إسرائيل على الرغم من المحاولات الكثيرة والمتكررة التي اخلت وتخل بها في مباديء حسن الجوار، وقيامه بخرقها لبنود تلك الاتفاقية ومنها الوضع في القدس وغيرها . وهذا يدعونا للقول والحكم أنه في مقابل هذه السياسة الأردنية المتزنة كانت إسرائيل دوما خارقة لكل قيم ومبادىء حسن الجوار والمواثيق والاتفاقيات من خلال سياستها المتسمة بالعنجية والعنصرية والتنصل من الاتفاقيات الدولية. وهذا كله يعطي الأردن مبرورا كافيا للتفكير في علاقتها مع ذلك الكيان الذي لا يقيم وزنا لاداب العمل الدبلوماسي ولا الأخلاقي حتى. .واعتقد أن الأردن بعدما لمس وعانى على أرض الواقع من تلك التجاوزات الإسرائيلية الكبيرة والخطيرة والتي تعدت كل الخطوط والقيم قد يكون في لحظة ما في حل من أمره نحوها !! حاول و قد يحاول الأردن وساسته لبضع وقت ضبط الأعصاب و التقاط الأنفاس احيانا ،أملا في تراجع إسرائيل او الوصول معها لحل سياسي في القضايا الجوهرية والخلافية . اما وقد استدعى ووصل الأمر وتجاوز كل الخطوط لينتهي بتهديد أمنه الوطني وحدوده! فإني اعتقد أنه لن يقف صامتا، وقد ينفذ صبره كاملا الذي طالما حاول حتى النهاية الوصول لحلول معها من خلال القنوات الدبلوماسية التي يؤمن بها. وهنا مكمن الخطر الذي يستدعي المواجهة الدبلوماسية وانقطاع التعاون في مجالات كثيرة قد تكون إسرائيل هي الخاسرفيها.

واهم ومخطيء ذلك الذي يعتقد(والكلام موجه لإسرائيل وامريكا ولكل المشككين في الدور الأردني ) أن الأردن غير قادر على التحلل من تلك الاتفاقية او تجميدها على أقل تقدير ،اذا استمرت إسرائيل في تماديها وغطرستها وسياستها هذه من ضم، وتهديد للأمن الوطني الأردني وغيرها من الممارسات الغير أخلاقية . وواهم ايضا من يعتقد ان الأردن لا شان له بمسألة الضم، ظنا منهم انه شأنا إسرائيل وفلسطين بحت . ذلك ان الأمن الوطني الفلسطيني جزءا لا يتجزا من الأمن الوطني الأردني بحكم عوامل وظروف عديدة منها : الجغرافية والتاريخية والدينية وحتى اواصر اللحمة والعلاقات الاجتماعية، و بحكم الوصاية الهاشمية التاريخية والدينية بشكل خاص . وان اي تهديد وقرار بضم الغور الأردني فإنه يشكل تهديد صريحا وحقيقيا وسافرا لأمننا وحددنا وسيادتنا واقتصادنا وتركيبتنا الديمغرافية ربما. واية آثار أخرى قد تمتد لتشمل الجانب الانساني والحقوقي الفلسطيني وغيره أيضا، من خلال سعيهم وتلهفهم لتنفيذ مايسمى بيهودية الدولة.

لايخفى على احد عمق العلاقات الأردنية الأمريكية وتاريخيتها. وما كانت عليه وما زالت من دعم أمريكي واضح للأردن اقتصاديا وعسكريا، وفي مساعدتها في تنفيذ استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب ومن تنسيق للمواقف في مختلف القضايا . الا تلك السياسة الأمريكية الواضحة والمتمثلة بالاستمرار في دعمها للكيان الصهيوني وسياسته ومخططاتها، يشكل بمفرده تخليا صريحا عن حليفها الاستراتيجي الأردن. وهذا بحد ذاته يشكل تحديا حقيقيا للأردن يدعوه مليا للتفكير في سياسة جديده اتجاه الولايات المتحدة الامربكية وتجعله مدعوا للتفكير بأمنه اكثر من التفكير بأمر اخر. وقد يرد البعض ان هذا ليس بالأمر السهل.وقد اشاطرهم في ذلك قليلا . لكنا في الاردن قد نكون مضطرين لذلك اذا أردنا الحفاظ على أمننا الوطن وسيادتنا . وعلى صانع القرار السياسي التفكير جديا بسياسة جديده تجاه الامريكان نتيجة مواقفها السلبية وانحيازها .اما بتجميد العلاقة مع إسرائيل وذلك من خلال تجميد العمل باتفاقيه السلام وادي عربه مع الكيان الإسرائيلي، دون إلغائها، وبتقليص التمثيل الدبلوماسي إلى ادني حدوده. حتى يعرف الجميع أن الأردن دولة ذات سيادة وقادرة على حماية نفسها وحدودها والدفاع عن مصلحتها الوطنية العليا . ومن يستعرض التاريخ الأردني يدرك تماما بأنه اذا ما توافرت قيادة هاشمية حكيمة وجراءة سياسة في اتخاذ القرار يمكن لنا ان نحقق مثلما هكذا مواقف. وهذا ما حصل زمن الملك الحسين بن طلال رحمه الله مع المرحوم دولة الشهيد وصفي التل الذي رضع الرجوله والكرامة والسياسة من بيته وأسرته، وعشق مدرسة الشريف الحسين بن علي ومواقفه وعمل بها. الذي رفض املاءات الانجليز وضغوطاتها عليه للتكلم باسم فلسطين وأهلها ، ولكنه أجاب بأن ذلك لا يكون الا بعد مشاورتهم في كل أمر يخص بلادهم قبل اتخاذ اي قرار . فسجل له التاريخ حفاظه على القدس. فكان شهيدا بجانب المسجد الأقصى وفاء وتكريم له ودوره وتعلقه بالقدس. وهذا يدعونا للتأكيد من جديد على ان الأمن الوطني الفلسطيني جزءا من الأمن الوطني الأردني. كيف لا وهي اكبر دوله مستضيفه للفلسطينيين، واكبر حدود معه. والأسباب كثيرة ذكرناها انفا.

يكاد يكون التاريخ الاردني من خلال احدى مواقف الشهيد وصفي التل شاهد حيا ومشرفا على الجراءة السياسية وحرص الأردنيين على أمنهم السياسي والاقتصادي ،ورفضهم لسياسة لي الذراع والتبيعةالأمريكية، بدواع الحاجة للمساعده وعدم الاكتفاء الإقتصادي . وقد تمثل ذلك الموقف بلقاء جمع الشهيد البطل المرحوم وصفي التل بالسفير الأمريكي بالقرن الماضي( بداية الستينات) . عندما قام السفير بنعت الأردنيين بانهم كسالى بعد أن وجه الكلام لوصفي التل، وسؤال الشهيد له كيف؟ فاشار اليه انه باستطاعته توقيع كتاب يوقف فيه مساعدة الأردنيين من القمح. الأمر الذي أدى بالشهيد للاستشاطة غضبا بعد أن استفزه الموقف وقوله له:" افعل ما تريد أن الشعب الأردني لن يجوع بإذن الله ابدا." وعلى الفور ذهب وصفي للملك الحسين رحمه الله واستشاره فوجد كل الدعم ووالتاييد منه. وعندها راسل السوريين للاستفادة من خبرتهم وما لديهم من مخزون، وبدأ بتشجيع الأردنيين على زراعة القمح من شمالها لجنوبها. ليثبت للامريكان وغيرهم ان الأردنيين قادرون من الإعتماد على الذات، وفعلا زرعوا القمح في تلك السنة، حتى غل المحصول وصدروا منه لبعص الدول العربية ومنها العربية السعودية.واثبتوا قدراتهم على حماية أمنهم الإقتصادي كما هو الحال اليوم على حمايةأمنهم السياسي والعسكري. وليعلم قادة إسرائيل ومن ورائهم الامريكان ان الذين لقنوا اليهود درسا في الكرامة في عهد الحسين واجبروهم على التراجع إلى الحد الذي انطلقوا منه قادرون بقرار سياسي من من فذ شجاع كعبدالله الثاني على تقليم اظافر صناع القرار السياسي هناك ووقف أحلامهم.
تابعو الأردن 24 على google news