أسبوعان حاسمان لمستقبل النواب والحكومة
المناخ السياسي والمؤشرات العامة في البلاد تميل الى قرب حل مجلس النواب. وخلال الأيام الماضية تهيأ النواب لهذا الأمر بل إنهم كانوا أكثر من روج عبر منصات التواصل الاجتماعي أن المجلس قد يحل خلال ساعات أو أيام. ولكن يبقى إنفاذ هذا الأمر مناطا دستوريا بإرادة جلالة الملك وبتقديرات دوائر صنع القرار لا بتمنيات الراغبين أو الرافضين.
يبقى العنوان الأساسي الذي يحكم هذا القرار تحسن أو استقرار الوضع الوبائي، فهو المانع الوحيد الذي استدعى التريث، ذلك أن الإرادة السياسية قاطعة بإجراء الانتخابات، لكن الأولوية لصحة المواطنين.
الهيئة المستقلة للانتخابات وهي المعنية مباشرة بالإشراف وإجراء الانتخابات جاهزة تماما بل انها سارعت لإصدار تعليمات جديدة واستثنائية تتعلق بالعملية الانتخابية في ظروف الكورونا في كل المراحل بدءا من الترشح وحتى إعلان النتائج بما في ذلك زيادة مراكز الاقتراع لضمان التباعد الاجتماعي وطبيعة المقرات الانتخابية والمهرجانات واستخدام وسائل الوقاية. وقبل أيام استمعنا لرئيس الهيئة في ندوة افتراضية نظمها مركز القدس للدراسات تؤكد تحسب الهيئة وجاهزيتها وقدرتها على التعامل مع أي مستجد.
الملاحظة الجديرة بالاهتمام هي حالة البرود الشعبي والنخبوي على حد سواء نحو الانتخابات هذا العام. قد تكون كورونا وتداعياتها عاملا مهما لكن الإحباط العام يتعمق أكثر فأكثر بسبب تواضع الأداء البرلماني وفقدان الثقة في النواب وفي الحياة السياسية والظروف الاقتصادية الضاغطة على الجميع والأسئلة الكثيرة حول ظروف الحياة بعد التداعيات التي تركتها الجائحة.
بالمقابل تطغى التكهنات والتسريبات حول رئيس الحكومة القادم، إذ يصبح حكما تشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة الدكتور عمر الرزاز التي جاءت في ظرف صعب ولكنها ستغادر في ظروف أكثر صعوبة. ويستحق من يخلفها الدعاء والابتهال إلى الله أن يعبر بحكومته هذا الوضع الاستثنائي بأقل الخسائر أكثر من التهنئة بتولي هذا الموقع الذي يتصارع عليه ويطمح له كُثُر بالرغم من أن المرحلة ربما تكون الأصعب منذ خمسينيات القرن الماضي.
حكومة الرزاز التي جاءت وفي جعبتها أحلام ومشاريع كبرى ورثت مديونية تقارب أربعين مليار دولار وعجزا في الموازنة أقل من مليار دينار وتداعيات كورونا وتحدياتها. لكنها ستغادر وستُرحِّل للحكومة الجديدة مديونية تقارب الــ44 مليار دولار؛ وهي تقترب بسرعة من حاجز 100 % من الناتج الإجمالي المحلي ولأول مره في تاريخ الدولة. يضاف لذلك عجز متوقع في الموازنة قد يصل لمليارين ونصف المليار دينار وانكماش اقتصادي قد يبلغ 3.7 % بدلا من معدل نمو متوقع بحدود 2.1 % كانت الحكومة تطمح للوصول به في العام 2024 إلى نسبة 3.4 %، وبطالة متسارعة يرى خبراء أنها على وشك بلوغ نسبة 22 %.
أسابيع وأشهر قادمة صعبة بالتأكيد والمهمة الملقاة على عاتق أي حكومة ليست سهلة، سواء بقيت حكومة الرزاز أو جاءت حكومة جديدة، ستكون على شكل تحديات كبيرة تستدعي تعاطيا مختلفا بعيدا عن القوالب التقليدية خاصة في الشأن الاقتصادي، وهو الخاصرة التي يمكن أن تستغل للضغط على الأردن والنيل من مواقفه الثابتة من مشاريع نتنياهو واليمين الإسرائيلي التي تهدد مصالح الأردن الاستراتيجية وتضر بالمصالح الفلسطينية.
في المحصلة القصة أبعد من بقاء أو رحيل حكومة الرزاز ومن قصة كل الأسماء المتداولة سواء كانت مطروحة للتداول وقياس ردة الفعل أو للترويج لها فعليا. فثمة ظرف استثنائي يواجه بلدنا كما بقية العالم وعلينا أن نتهيأ جميعا حكومة ومواطنين للتعامل معه.