شعر البنات
أكثر ما كان يُلهيني عن التوجيهي هي سميرة ... بنت الجيران بالأسود وهو لون شيء آخر غير فستانها. كانت أسطح المنازل للدراسة والقسدرة وليست مثل هالأيام للدِشات وتنكات المياه والخلايا الشمسية، وإن بقي هناك مُتسع فللتكييف. أصلا إحنا كان عندنا التكييف الشخصي شيء أساسي فالواحد طالع نازل عالسطح، ومشكلتي كانت أصعب من غيري كون سطحنا بدون درج، أنداري عن أبي كيف نسي الدرج؟ المهم أنا كنت أتعربش على ماسورة التهوية الثلاثة إنش وكانت من الحديد السكب وتصل بلكونة المطبخ ببلكونة دار أم خالد الكيالي. وما أن أصل فوق أتحجج بتنك الماء أو معايرة أنتين التلفزيون، ونظري إلى الشمال الغربي لعلي ألمح سميرة.
كان شعرها طويل كثير وناعم كثير وكلما التفتت شرقاً بحركة رأس بهلوانية، لامست الغرّة طرفي الجبين، تماما مثل مُنى زكي في دعاية سنسلك عندما تدور بحركة لولبية حول محورها 360 درجة، قال محورها ... محورنا إحنا مَعشر الشباب بنفتل فتل، وتخيل أن يقوم الصينيين بالدبك معاُ على الأرض فتكون النتيجة إنحراف الكرة الأرضية عن محورها بدرجتين أو أكثر. كانت سميرة تختال على السطح ومرات بتمسك كتاب عن كذب، لأنها ما كمّلت إعدادي (التاسع لجيل هالأيام) وعندما تنتهي الجولة وتستعجل على الدرج لتلويعنا، فيتطاير الشعر والتنورة من تحت لفوق وبالعكس، وصدقوني، كانت البنات بتلبس تنانير.
كبرنا شوية وقررَت تحسين شروط التفاوض فمشيت خلف سميرة واقتربت من شعرها بأقل من عشرة أمتار وخيل لي بأني أشم رائحة صابون نابلس كله. كبِرنا أكثر وكبُرت سَميرة وكانت من نصيب غيري، الله لا يكسبه، فحولت على أميرة ذات الشعر الخروبي الأقرب الى الأشقر وهذا النوع كان نادربجبل الطهطور. وكانت أميرة تتوع في تسريح شعرها، فعرفنا ذنب الفرس والجدايل والكعكة والحلقات (كيرلي هالأيام) وبين سَميرة وأميرة إرتبط شَعر المرأة عندي بالدوران وكانت أمنيتي أن تدور الأيام وأشم رائحته وأتبرك بملمسه وصَدق من قال بأن تاج المرأة شعرها.
راحت الأيام ورجعت الأيام وسافرت للدراسة في الخارج حيث الشقراوات الكثر وبقي دوران الطهطور يلف في رأسي وما أن فَقدت يداي عُذريتها ولامسَت شعرها حتى أمضيت كلَّ المساء أمشطه بأصابعي فحُلّت عقدة من لساني وأفصحت عن مدى حبي لشعَرها فاستسلمت وقالت هيت لك. أصلا نحن العرب عندنا طرق أكثر إغراءً للوصول إلى المرأة فبعضهم يتغزل بقوامها وذاك يَمدح عِلمها، أما نحن فلدينا المفتاح السحري، وهو التغزل بشعَرها.
اتدرون يا شباب كم من الوقت والمال تصرف المرأة على شَعرها لإسعادنا ... كثير جداً، وسأبوح لكم بسر من خبرتي المتواضعة، المرأة كما أنثى الحَمام، تفُصح عن رغبتها بحركة بالرأس ... آه والله صحيح. والشَعر المُبلل يُصبح أجمل عندما يقطر الماء منه على الشفاة والكتفين، والشَعر خُلقَ ليطير ويُطيّر ضبان عقول الرجال ويفتل مِحوَر إتزانهم.