عن ممتهني وأد الحلم واغتيال الفرصة
باسل العكور
جو 24 :
كتب باسل العكور - ليس صحيّا أن تخفت الجذوة في قلوبنا إلى مستويات لا تكاد فيها أن تستشرف بصيص أمل من امكانية زحزحة حالة الاصلاح والحرية في بلادنا خطوة واحدة إلى الأمام، ليس سليما اشاعة اليأس، أن يتراجع الحلم فيستحيل إلى كابوس مزعج لا يترك لك متسعا لهدهدة الحالمين، وصوت الجموع الغفيرة المطالبة بالاصلاح الذي يخفت ويخفت ويخفت في قلوبنا وعقولنا حتى يتلاشى تماما..
المؤلم أن لدينا فرصة حقيقية لنجسّد الحلم واقعا على الأرض، لدينا مقومات مكتملة -ارادة وقدرة ومعرفة- لنكون من أنجح النماذج في المنطقة والعالم، لنكون من أكثر الدول نماءً وازدهارا وحرية وديمقراطية. ولكن للأسف، يبدو أن هناك من يريدنا أن نظلّ بهذه الهشاشة وهذه الحالة المرضية من انعدام اليقين.
اليوم الذي تتبدد به خيوط الضوء التي طالما أنزلت على قلوبنا الطمأنينة والأمل، نجد أن هناك من يريد أن يضرب وجودنا كله، يريد أن يهدم بمعوله مدماكا آخر، أخيرا .. لنسدل الستارة على المستقبل.
وهنا أتحدث عن الثابت والمتغيّر في الدول والأنظمة السياسية، فكلّ الساسة متغيرون، كلّ التيارات الفكرية قابلة للأفول، كلّ البرلمانات قد يتغير أعضاؤها في كل جولة انتخابية، كل أصحاب القرار راحلون، بعضهم بذكر طيب وبصمات لا تمحى، وبعضهم الآخر تُكسر خلفهم الجرار وتوزع الحلوى، وتبقى العدالة الثابت الوحيد الذي لا يجوز أن يصبح متغيرا متحولا متبدلا وتابعا لأحد أو لسلطة غير سلطة القانون. ففي اللحظة التي تتزعزع فيها الثقة بثبات هذا العامل، هذا المقوم، هذه الرافعة، فإن كلّ الدولة ستتحول إلى رمال متحركة -متغيرات- تبتلع الناس وتبتلع نفسها..
القانون ينظّم العلاقة بين الناس من جهة وبين الناس والنظام السياسي من جهة أخرى، وهو المرجعية المتوافق عليها -العقد الاجتماعي- في حال اختلف الناس فيما بينهم أو اختلفوا مع الحكومة، ولكن إذا حاول طرف أن يختطفه، أن يتجاهله أن يجيره لصالحه، فإن معادلة الحكم ستختل، وهذا الاختلال غير قابل للترقيع او التجميل او الديمومة ...
لأصحاب القرار أوجه هذه الرسالة: صفّوا حساباتكم كيفما وأينما شئتم، في الغرف المغلقة في الساحات المفتوحة في الصالات الفارهة، اتركوا لنا العدالة.. فهي الثابت الوحيد في دولتنا في أي نظام سياسي يسعى للبقاء والاستمرار، يتطلع أن تظل فيه جذوة البناء متقدة ترسم خارطة الطريق للأجيال القادمة..