ايها الراسب انهض فلست وحدك في الميدان.
محمد ابو خليفة
جو 24 :
ان رسوبك ايها الطالب وان شكل مأساة اسرية مؤقتة لك ولوالديك فأن حكومات المملكة الأردنية الهاشمية تحقق فشلا تلو الآخر!
لا شك ان مأساة رسوبك هذا العام على وجه الخصوص يعد نكسة حقيقية ذلك ان طريقة جمع العلامات لإمتحانات هذه السنة التي لم يحالفك فيها النجاح كان "بالكريك" ولم يعد بالقطارة كما كان على امتداد الاعوام السابقة.
اما انت الآن ف بإمكانك ان تلملم أوراق الفشل وتشد الهمة وتنفض غبار اليأس وتعقد العزم على النجاح مستغلا وجود الكريك بحساب العلامات كطريق مستحدثة وتبادر بمعالجة كل الأسباب التي أدت الى فشلك وتنتهي القصة.
فحكوماتنا شكلت مآسي وطنية واقتصادية واجتماعية مختلفة على مر العقود والأزمان ولم تيأس.
ولئن كنتَ قد أخفقت ايها الطالب بمادتين او اكثر فإن الحكومات السابقة حققت فشلا على معظم الأصعدة وفشلت بمكافحة الفساد وتعثرت في مسيرة الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
ولم يعد ما دار ويدور بفلك المملكة حاليا من قصص الفساد المتجذر والمتشعب وقضايا التهريب المكتشفة حديثا بأهم شأناً من الكورونا التي صدعت رؤوسنا وطعنت اقتصادنا المريض في الخاصرة والآن إعيد طرحها من جديد لدثر ودحر قضية المعلمين المطالبين بحقوقهم ولا شك انها ستضع الزيت على النار وتترك قضايا الفساد والمعلمين جانبا لعلها تنصهر مع حرارة الصيف كما انصهر غيرها وتبخر وأصبح ضربا من الماضي.
ولا شك ان الاستمرار على هذا النهج من الفشل المتنامي وترقيع قضايا الفساد وهضم حقوق المعلمين وعدم القدرة على تخفيض المديونية لم يعد كافيا البتة بل ما هو أمرُّ وادهى من هذا وذاك هو استخفافها بعقولنا وجيوبنا التي باتت الملاذ الآمن لطفر الحكومة وفساد المسؤولين.
وللحق اقول ان الحكومة قد برعت واتقنت وتفننت بكل فنون الجباية حتى باتت البلد تسمى بلد الضرائب والجبايات.
تعلم الحكومة علم اليقين ان فرض الضرائب على قوت المواطن الرازح تحت نير الفقر وشح الدخل وانصهار الطبقة الوسطى وفرض أسعار محروقات تتصدر قمم الأسعار العالمية وتمرير فواتير كهرباء تسرق من خلالها جيب المواطن جهارا نهارا ما هو الا مؤشر على ان المواطن بات كالقنبلة الموقوتة التي قد تنفجر بأي وقت.
عزيزي الطالب لئِن كان فشلك في امتحان الثانوية العامة قد يعالج في سنة واحدة ويعتمد على جيب الوالد فقط فإن فشل الحكومات المنصرمة قد استمر في حلب المواطن واستنزاف جيبه ومقدراته سنوات وسنوات عجاف بقوة القانون الذي ما فتئ يخنق المواطن ويذبحه من الوريد الى الوريد حتى اوشكت ان تكون اللحوم عند غالبية الطبقة الوسطى وما دون من المحرمات على شأنها شأن الخمور والمخدرات وباتت الفاكهة من الكماليات عند العديد من الأسر المستورة فكانت نتيجة هذا الضيق والكبت ان تفشت الرشوة والسرقة وتعمقت قضايا الفساد وارتفعت نسبة البطالة وازداد معدل الجريمة وانفلت العنف من عقاله لنصبح مهزلة الأمم امام العالم المتحضر.
رحلت الحكومة الهرمة الظالمة وتلتها حكومات اشد ظلمة وظلاما بحق المواطن حكومات رحلت غير مأسوف عليهما واخرى قدمت لتكمل المشوار.
وأخيرا وليس آخرا فإن فشل مسيرة تلك الحكومات والتي ألقت ما فيها من اوزار على كاهل المواطن وتخلت انما يتكرر مع الحكومة الحالية وربما اللاحقة دون بصيص نور او بارقة امل تلوح بالأفق لتخرج الوطن والمواطن من الظلمات الى النور.
وهانحن نعيش سنواتنا العجاف وما زلنا على امل اٌنفراج فان استمر التضخم ولم تجفف مستنقعات الفساد وينابيع الشللية والمحسوبية واستقلال القضاء ونزاهته فلن يلمع بالافق اي بريق امل لقارب النجاة..
واقول واجزم القول إن لم تًطرُق النزاهة والعدل ابواب الحكومة ولم تتبوأ العدالة مقعدها في هذا البلد فلن نشهد اي عهد مبشر بالخير الا بمعجزة ربانية تحمل في ثناياها بارقة امل نحو مرحلة جديدة وسياسة اكيدة وخطة عتيدة تؤسس لمستقبل واعد وتُسترَدُ اموال الشعب المنهوبة ومقدرات الوطن المغتصبه من بعض رموز الفساد وأعمدته وعمالقته الذين فروا الى مدينة الضباب او تسربلوا وهم بيننا بثوب النزاهة..
ايها الراسب ...قم وانفض غبار اليأس عن فكرك وشد الهمة من جديد وإعلم انك ما انت إلا نقطة في بحر حكوماتنا الفاشلة السابقة والحالية وربما اللاّحقة .
فلا تيأس وانهض فلست وحدك في الميدان. .