البسطات وجرائم الأتاوات..
محمود أبو هلال
جو 24 :
توضع القوانين لتنظيم علاقات الناس في ما بينهم من جهة، وبينهم وبين أجهزة الدولة التي يعيشون فيها من جهة أخرى. فالأصل في القانون أن يطبق طوال الوقت، لا أن يطبق لفترة ومن ثم يتم التوقف أو التراخي حتى تستفحل وتنتشر المخالفة لدرجة قد تصبح فيها بعض الحالات وضعًا قائمًا تجد من يتعاطف معها ويدافع عنها، وربما يصل الأمر بأن يلجأ المدافع لاستخدام العنف والقوة، أو تحريك بعض الأدوات التي في يديه كما في مشكلة البسطات.
فشهرا بعد شهر وعامًا بعد عام، وظاهرة "البسطات" ما تزال قائمة وتزداد انتشارا لدرجة باتت تشكل أرقًا للتجار وللمواطنين وعاوائلهم ولكل من يرتاد الوسط التجاري.
لا نستطع أن نحصي كم مرة قرأنا وسمعنا هذه الجملة أو ما يشابهها "حملة إزالة البسطات مستمرة حتى إزالتها تمامًا".
هذه الجملة، وهذه المشكلة القديمة الجديدة، والأزمة التي لا يُراد لها أن تنتهي، ما أن نسمع أنها ستبدأ حتى تبدأ الحملات المضادة مِن قبل بعض المتنفذين والمنتفعين وهنا نسأل:
مَن المستفيد من الأزمات المرورية الخانقة التي تحدثها 'البسطات" حين تُحتل الأرصفة ويُجبر المشاة على السير في الشارع العام؟!
مَن المستفيد من بيع بضائع تالفة أو منتهية الصلاحية أو توشك على الانتهاء إضافة لبيع بعض الممنوعات أحيانا؟.
مَن المستفيد مِن خنق تجار الوسط التجاري الذين يدفعون أجور محلات مرتفعة نسبيًا عن الأحياء وضرائب وبدل تراخيص وآرمات؟. أي حق هذا الذي يعطي الخارج عن القانون حق منافسة تجار ملتزمين بالقانون؟! ومَن المستفيد من عدم التنظيم؟!.
كم شخص يعرف أن "البسطات" يسيطر على غالبيتها "زعران" وتدفع لهم أتاوات وحسب المتر المربع؟.
كم شخص يعلم عن مشاجرات عنيفة وجرائم ارتكبت على خلفية "البسطات"؟!.
كم شخص يعرف عن الارهاب الذي يسببه "زعران البسطات"؟.
مَن المستفيد مِن التعدي على هيبة الدولة حين تبدأ بتطبيق القانون؟. مَن الذي يريد أن يُبقي المشكلة دون حل جذري؟.
والسؤال الأهم هل يستطيع الفقير المعدم أن يمتلك "بسطة" في الوسط التجاري؟. وكم سيدفع ولمن سيدفع إن استطاع؟.
نختم بما نقوله بعد كل جريمة.. أن اللبنة الأولى في المدماك الأول للعدالة الاجتماعية هي سيادة القانون. ومن نافلة القول الإشارة إلى أن جريمة الزرقاء لها علاقة أصلا بفارضي الأتاوات والبسطات، وهي ظاهرة منتشرة في عمان والزرقاء..