صراع مستعر بين سياسيين طامحين لخلافة الدغري
محرر الشؤون المحلية - في الاونة الأخيرة يحب بعض الساسة الطامحين في بلادنا التفكير بان ايام عبدالله النسور في دار الرئاسة شارفت على الانتهاء، وانه - ومن منطلق فهمهم وخبرتهم باليات تشكيل الحكومات واقالتها - فان النسور قد استنفذ فرصه كلها، وأنجز - دون ان يلقي بالا لردود فعل الناس وانطباعاتهم التي تبقى وتدوم- كل ما طلب منه وخاصة بعد ان أتقن لعب دور الخادم الامين لكل غايات الطغمة الحاكمة ولو جار على الناس -وقد فعل- وحمّلهم ما تنوء الجبال عن حمله، فكل هذه بالنسبة له تفاصيل لا تعنيه وقد حقق ما يريد واكثر. المهم ان السياسيين هؤلاء يعتقدون ان النسور بات عبئآ ثقيلا على الحكم بعد ان نفذت ذخيرته من اساليب الالتفاف والمراوغة والتضليل والتخدير التي استخدمها لتسويق كل قرار سياسي او اقتصادي اتخذه بالانابة عن مراكز صنع القرار الحقيقية.
الفريق الاول الذي يضم محمد داودية ومازن الساكت وعدد من الشخصيات السياسية التي لعبت دورا مهما في اقناع الناس بالمشاركة بالعملية الانتخابية، تلتقي بصفة دائمة وتناقش البدائل بعد رحيل حكومة "الدغري" ، وتتداول فكرة وضع "برنامج للانقاذ الوطني يقودونه بأنفسهم لاحتواء القوى السياسية المعارضة وعلى رأسهم جماعة الاخوان المسلمين الذين تظن هذه المجموعة بانهم اليوم في اضعف حالاتهم وان الفرصة مواتية لبدء حوارات عاجلة معهم لاشراكهم بالعملية السياسية، ويقترحون رسم خارطة طريق جديدة تتضمن تغييرات هامة بالمشهد السياسي الأردني وذلك بعد انتهاء الدورة البرلمانية العادية الاولى لمجلس النواب مع استخدام ورقة اعادة تشكيل مجلس الاعيان كورقة تفاوضية مع السياسيين لكسب تأييدهم ودعمهم لهذه الافكار وتسويقها عند صاحب القرار.
اما الفريق الثاني فيتقدمهم رجل الاعمال رجائي المعشر الذي ما زال يبحث عن مكان تحت الشمس، وذلك رغم كل تلك التجارب التي خاضها في الحكم واثبت فيها انه ليس حقيقيا، وسرعان ما ينحاز الى تيار المحافظين بالضد مما يحاول ان يصور نفسه -ذلك الرمز الاصلاحي والليبرالي المستنير- ، ويضم هذا الفريق كل من وزير الداخلية السابق نايف القاضي وصالح القلاب وناهض حتر وعبدالله ابو رمان وعدد اخر من السياسيين والاعلاميين الذين يلتقون بصفة دائمة ودورية لمناقشة السيناريوهات المستقبلية بعد رحيل حكومة "الدغري". هذا الفريق من الساسة يطالبون بحكومة تمثل برنامجهم الذي يركز على فكرة تأطير وترتيب او للدقة دسترة وقوننة العلاقة الاردنية الفلسطينية الى جانب وقف التجنيس وغيرها من الاهداف التي يظنون انها أولوية في هذه المرحلة من تاريخ الأردن.
وهناك الى جانب هؤلاء عدد من رؤساء الوزراء السابقين الذين يتحدثون في صالوناتهم السياسية عن أهمية استثمار الفرصة المواتية بعد انكفاء الحراكيين وانقسامهم وتشرذمهم للسير قدما في الخطوات الاصلاحية التي يقولون انها بدأت فعلا (..) والمضي في اخراج قانون انتخاب عصري يقبل به الجميع ولا يمانعون من فكرة العودة الى قانون الانتخاب الذي جرت وفقه انتخابات ١٩٨٩.
أحد رؤساء الوزراء السابقين ونتيجة قربهم من -المعلم- كما يسمونه يدعم ترشيح حسين المجالي ليخلف النسور ويدفع به بقوة، كما انه يحاول بكل طاقته ان يذلل كافة الصعوبات ويصفي جميع الخصوم لضمان وصول آمن للرجل الى الدوار الرابع. وقد خاض الرئيس السابق صراعا عنيفا مع أحد مدراء الدوائر الأمنية الهامة لاعتقاده بأنه يستهدفه بالدرجة الاولى وقد يكون معيقا لمرشحه القوي (..) . صاحبنا يعرف ان صعود نجم المجالي يعني بالضرورة أفول نجم فايز الطراونة هذا اذا افترضنا ان مسألة التوازن الجغرافي ما زالت تشغل بال الملك. (هناك تفاصيل متعلقة بهذه الحيثيات سنفرد لها مساحات واسعة في تغطيات تحليلية قادمة).
اذن هناك حراك وتنافس محتدم بين النخب السياسية الطامحة لانتهاز الفرصة من خلال وضع بُنى نظرية تخيلية (كارتونية) تصورهم على أنهم رجالات هذه المرحلة، وتقديم مسوغات كافية لاقناع الملك بشخوصهم لخلافة النسور الذي أوشكت ساعته. وبالطبع هناك بعض الأصوات التي ترى بالنسور الخيار الأسلم وتفضل بقاءه الى ما بعد الخروج من دوامة الرفع التي يبدو انها ستمر دون مقاومة.
الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت والمعلومات والخفايا التي يبدو انها ستنكشف جراء الصراع المحتدم بين دوائر ومراكز القوى . وللحديث تتمات..